حلقـــ(7)ـة
أنينٌ في حالِ اليقظة ..

قصصت لكم عن بيتنا القديمُ ذاك .... الذي كانت تخاف منه والدتي (رحمها الله) وتتمنى الخروج منه .... بيتنا القديم الذي شهد كل فصول ما أقصه لكم .... ولكني لم أفصّل لكم بعد ..
لما ذاك البيت كان يسبب الرعب لأمي (رحمها الله) ..

بيتنا ذاك في الأصل هو مجموع بيتين لا بيت واحد ..

في البداية عشنا في أحد هذين البيتين .... وهو البيت القديم الذي اشتراه أبي - رحمه الله - وجدّدهُ .... وهو الذي كانت تخاف منه أمي .... ثم بعد أن زاد المال بيد والدي - رحمه الله - .... اشترى البيت الملاصق له .... كان بيتا قديمًا .... بيتا من دورين .... أقرب لفيلا ولكن قديمة ..... كان لرجل عنده زوجتين .... كل زوجة لها دور .... انتقل الرجل لفيلا بعد أن باع البيت لأبي .... فقام والدي بهدم بيت جارنا .... وبنى بدلا منه بيتا جديدا كبيرا ملاصقًا للبيت لقديم .... وصار بيتنا عبارة عن بيتين متلاصقين .... أحدهما قديما مبنيا بأيدي أصحابه .... والآخر بناه والدي .... فتح والدي أعلى البيتين على بعضهما .... وصار أعلى البيت الأول وأعلى البيت الثاني في مستوىً واحد .... فتحهما على بعضهما ليكونا سكنّا لنا ..

كان يفصل بين هذين الشقين من أعلى البيتين القديم والجديد ..
بابٌ حديديٌّ كبير ..
إذا أُقفل انفصل البيتين عن بعضهما .... ولا يستطيع أحد أن ينتقل من أحد البيتين للآخر إلا لو قفز من خلال جدران الأسطحة مع بعض مخاطرة ..

كان هذا السكن الذي عشنا فيه تلك الأيام .... وأخذ والدي أيضا من الأدوار السفلى غُرفًا بمقدار شقة كبيرة للضيوف ولأقاربنا من المدن الأخرى إذا نزلوا عندنا وللمناسبات ..

المهم .... البيتين اللصيقين .... أحدهما قديييم جدا .... وتدور حوله الأساطير من قبل أن نسكنه .... والآخر جديد أبيض البلاط سماويّ الجدران في غالبه .... لكنه لصيق بالقديم .... كانهما بيت واحد .... كنا نتقنل بين البيتين بسهولة كـ بيت واحد ..

غالب تلك الجهة لذاك البيت الجديد عبارة عن أسطح ومخازنً .... (أحدالمخازن سياتي ذكره فيما بعد مع حدث ) .... ومطبخا كبيرا جدا (سياتي ذكره فيما بعد مع حدث ) .... وفي تلك الجهة أسيابٌ كثيرة وفتحات كثيرة ... ومن ضمن هذه الفتحات تدخل لفتحات أخرى .... أشبه بالمتاهة .... ولكن يوم واحد يكفيك وتتعرف على كل مدخل فيه ..

أحد تلك الفتحات في تلك الأسياب الكثيرة .... تجد فتحة .... هذه الفتحة لا ينتبه لها المار جانبها لأول وهلة .... وداخل الفتحة فسحة صغيرة .... أشبه بالبلكونة .... ولكن لا تطل على الشارع بل موجودة وسط البيت .... هذه الفسحة ذات بلاطٍ أبيض لامع جديد .... مازلت اتذكره كأني أراه أمامي .... كان جدار هذه الفسحة قصير لو وقف بجانبه رجل متوسط الطول لوصل طول الجدار إلى كتفه .... كان لون الجدار أزرق سماوي .... وأعلى الجدار القصير رخام أبيض ذو فتحات وزخرفات جميلة .... هذه الفسحة تقابلها من كل الجهات جدران طويلة لأسطحة البيت القديم الأعلى منه .... أو جدار المطبخ الملاصق له .... إلا جهة واحدة خلفها فتحة كبيرة ..

لو أتيتَ بسلم وعلوت على هذه الجهة من الجدار .... لرأيت فتحة كبيرة تنتهي للقاع .... هي منور البيت .... أو خزان البيت .... وترى داخل الخزان مكائن لا ادري ماهي .... ربما عدّادات الكهرباء للبيتين .... لا ادري .... كان هناك صوتٌ عالٍ ومزعج يرتفع في بعض الأحيان من تلك الفتحة .... ولكنها اختفت فيما بعد ربما غيرها والدي ..

هذه الفسحة الصغيرة ذات البلاط الأبيض كانت تقريبا متر ونص في متر ونص .... وكانت جانبية على يسار المطبخ .... كانت هذه الفسحة في حياة والدتي بها بعض علب النيدو الكبيرة .... وينشرح صدرك في رؤية مختلف الأوراق الخضراء تملأ هذه العلب .... كانت بمثابة أحواض زراعية جميلة .... ولكنها اختفت كلها بعد وفاة والدتي .... ولا أدري من أخذها ..

المهم ..

في أحد أيام وسط الأسبوع .... أخذت نومة عميقة .... وقبيل المغرب بساعة استيقظت وصليت وبدأت أدور في البيت .... لم اجد أحد من الذكور الصغار .... فهمت أنهم يلعبون في الشارع .... أما أخواتي الثلاث فقد كن يغططن في نومٍ عميق .... هذا كله حدث في جهة البيت القديم حيث نومنا ودراستنا وجلستنا .... أما البيت الجديد فقد كان به المطابخ والمخازن والأسطحة .... بعدها توجهت للجهة الأخرى من البيت .... جهة شق البيت الجديد ..

ذهبت لأعمل لنفسي برادًا من الشاي .... نسيت أن أخبركم .... من تلك الأيام تعودت على الشاي بصورة غير معقولة حتى أفيق من ذاك النوم العميق ..

انتقلت للجهة الخرى من البيت .... وتجاوزت ذاك الباب الحديد الكبير .... وتوجهت للمطبخ الذي يكون يسار الداخل له تلك الفسحة الصغيرة ..... بدأت في إعداد الشاي .... ووضعت الماء على النار بانتظار ان تغلي ..
خرجت من المطبخ وقفت امام الباب أناظر في تلك الفسحة الصغيرة التي باتت مهجورة بعد وفاة والدتي .... كان الوقت هدوء ووالنور يبدأ بالأفول .... هدوءءءء قاتل مع هذا الوقت قبيل المغرب .... اخذت نفسا عميقا واستدرت لأعود بعد أن سمعت صوت فوران الماء ..

أستوقفني صوتٌ ضعيف .... لم أميز في البداية ماهو .... أقفلت عين البوتجاز .... ثم عدت سريعا لتلك الفسحة الصغيرة .... وبدأت أرهف السمع .... كان الوقت يمكن قبل أذان المغرب بنصف ساعة .... هذا الوقت في الأصل تنتشر فيه الشياطين وتتحرك والواجب يُمسك فيه الأطفال عن اللعب والصراخ .... المهم المكان هادئ جدا جدا لحد يصيبك بالقلق .... بحيث لو ألقيت إبرة لسمعت صوتها .... وهذا زاد في قلقي وضيقي ..

كان هناك شيء ضعيف يظهر ويختفي .... لم أميز في البداية ماهو .... صوت إنسي ؟! .... صوت حيوان ؟!! .... صوت ريح ؟!! .... اقتربت من جدار الفَسحة الصغيرة وبدأت أصيخ السمع علّني أعرف وش سمعت .... نعم هناك صوتٌ بدأ يظهر أكثر .... ولكنه مازال غير واضح .... فاقتربت أكثر وأكثر .... آآآآآآآآ ..

هذا صوتُ أنين .... ميزته تماما هو صوتُ شخصٍ يأنّ .... شككت بنفسي في البداية أن الأنين ليس من فتحة الخزان التي تطل عليها هذه الفسحة الصغيرة .... ربما من مصدر آخر .... ولكن لم يكن هناك فتحات تطلّ على هذا الخزّان حتى يكون هناك صوت يختلط عليّ بغيره ..

المهم .... كان المخزن الكبير في الجهة الأخرى من المطبخ مقابلا لفتحة هذه الفسحة الصغيرة .. أسرعت لداخل المخزن .... وسحبتُ سلّما كبيرا ..
جررته جرّا حتى أدخلته للفسحة الصغيرة .... وضعته على الجدار .... وبدأت بالصعود عليه ببطئ شديد وخوف .... وبدأ شيء من هلع يمتلئ به صدري .... لأني كلما ارتقبت على السلم زاد الصوتُ وضوحا .... حتى وصلت لأخر الجدار .... كان الصوت الان واضحا .... واضحا تماما ..

كان صوتُ امرأة ؟!!! .... صوتُ امرأة تأنّ .... أنين موجع ومُؤلم .... وفي داخل الأنين رجفة أو ارتعادة .... تبدو كامراة جريحة .... أو مذبوحة وتحتضر .... أو امرأة تلد ..

حقيقة مع هذه التوقعات التي تتوارد على ذهني بسرعة هائلة .... كان بالمثل الخوف والرعب يتوارد بسرعة تماثلها .... وبدأت أرتجف وانا أتذكر هذا الخزان المقفول دوما بالمفتاح .... والمفتاح مع والدي .... وماذا تفعل امرأة تأن في خزان البيت ؟ ..
كان صوتُ المرأة واضحا الآن .... أنين موجع .... وضعيف .... ولا أدري لما داخلني أنها تلد .... بدأت أشعر برجفة ولم أستطع النظر من أعلى الفتحة .... رغم أني فقط لو مددت رقبتي قليلا لرأيت مافي داخل الخزان .... كما لم أستطع النزول من السلم .... مرت دقيقة .... اثنتان .... وأنا أرتجف ....
أغمضت عيني وجلست على درجة السلم .... قرفصت نفسي .... وضممت نفسي .... وبدأت أبكي .... وانا أتخيل امراة تحتضر قربي ..
وأنين المرأة يختلط ببكائي المكتوم .... أسمعه .... مازالت تأن ..

كأنما أفقت من هذا كله بصوت صحاني .... رنين الهاتف .... الحمد لله .... هذا صوت الرنين من التلفون المُعلق في المطبخ .... كان رنين الهاتف بمثابة المنقذ لي في هذه اللحظة ..
نزلت من السلم وأسرعت للمطبخ ورفعت السماعة لأجدها بنت جيراننا التي تكبرني بسنة أو اثنتان .... كانت تتكلم بسرعة وتضحك .... كان الخوف قد ألجمني تماما وهي تواصل الكلام .... وفي آخره طلبت مني أن آتي عندهم .... لم أكن معها البتة وأنا أفكر في المرأة التي تأن في قاع الخزان .... أوقفتها عن إكمال حديثها وطلبت منها ان تأتي الآن للبيت .... سألتني السبب .... لم أقل لها السبب لأني أعرفها من النوع الجبان جدا ولو قلت لها لن تحضر .... فقلت لها : تعالي قوّمي أخواتي نايمات علبال ما أخلص الشاهي ونشرب الشاهي وبعدين نروح بيتكم كلنا .... صدقتني فأسرعت ولبست عبائتها وجات ..

بالطبع انا في الجهة البعيدة من البيت ولم أجرؤ التحرك للجهة تلك لأستقبلها مما كان بي من خوف .... المهم وصلت وبدأت تناديني من درج البيت القديم .... ناديتها من مكاني لتحضر لجهة البيت البعيدة .... أقبلت وهي تضحك وتستحثني للإسراع لأنه ماحد من أهلها يدري أنها خرجت .... وأمها في السوق ....سحبت يدها للفسحة الصغيرة .... وطلبت منها ان ترتقي السلم وتنظر للخزان .... نظرت لي مستغربة وسألتني : ليه ؟ .... لم اخبرها طبعا بما يدور في ذهني ولكن دفعتها لتصعد وانا أقول لها .... أطلعي أول .... وقلت لها وهي في أعلى السلم : شوفي الخزان تحت ولا لأ ماله صوت لا يكون انسرق .... نظرت بصورة عادية لا ريبة فيها وقالت : إيه موجود .... وقبل أن تنزل منعتها وقلت لها .... طالعي زين متاكدة فيه .... قالت بلا هبل شايفته قدامي .... فسألتها : في شي ثاني ؟! .... طالعتني وهي تنزل من السلم : شي ثاني زي إيش ؟! ..

كنت مرتبكة وقتها لأني أعرف هذي المخلوقة من النوع الذي يخاف من ظله .... وأقل درجات الخوف تطلق صرخات شبيهة بصرخات أفلام الرعب في الأفلام ..... ترددت في البداية .... وظهر جليا أني أخفي شيئا .... بدأت تشك وسالتني بصوت مرتفع : إش فيه ؟! .... فقلت لها كل الحكاية لأريح نفسي ..

في البداية سكتت سكوتا طويلا .... ثم تغير وجهها ببطئ .... وبدأت تنظر للطريق الذي يؤدي لجهة البيت القديم .... أظنها كانت تفكر في الهرب ولكن الخوف منعها .... بدأت تتكلم كلام ملخبط تحثني على السير بسرعة لأوقظ اخواتي الصغار ونترك كل شيء ونذهب لمنزلهم .... وبداتْ فعلا في الحركة لجهة شق البيت القديم فمشيت خلفها .... كانت صامتة صمت غريب وهي تمشي وتتلفت حولها ..

تذكرت وقتها براد الشاي .... فعدت للمطبخ لأعيد البراد والفناجيل .... وفيما كنت أتحرك للمطبخ إذ بقلبي يكاد ينخلع ..
انقطع كل هدوء وسكون مع صرخات تلك المجنونة التي ملأت الجو وغطته بصرخاتها المرعوبة .... كانت تصرخ وتجري كالمجنونة .... صرخاتها كانت كفيلة بإيقاظ قبيلة من الجن .... توقفت لا شعوريا ثوانٍ كالصنم أحاول أستوعب .... صرخاتها أفاقتني سريعا .... وصرت أركض خلفها وأصرخ فيها بصوت عالٍ لتسمعني : وش فييييييييه ؟ .... ليييييييييه تصرخين ؟ .... لم تكن لتلقي لي بالا وهي تجري كالمجنونة وتطلق تلك الصرخات وعبائتها تطير .... وقطعت شق البيت الجديد .... ثم القديم .... وأنا خلفها ..

وبدأت تجري في الدرج كالمجنونة .... وحقيقة من الرعب الذي كان بيّ وزادته هي بصراخها .... لا شعوريا لحقتها وزاد رعبي وهي تقول وتردد كلمة " رأس " ..
" رأس " .... هذه الكلمة الوحيدة التي فهمتها من بين صرخاتها .... كانت تجري وأنا خلفها أصرخ فيها لتتوقف ..

إلى أن اقتربنا من الأخير .... قريب من باب الشارع .... وسعت خطواتي قبل أن تخرج للشارع لأني استوعبت نفسي .... سحبتها بقوة من عباءتها من الخلف .... صرخت فيها لتفهم أني بلا عباءة ..
أدخلتني معها وخرجنا لبيتهم القريب من بيتنا شبه جري .... كان الشارع خالي وقتها أو هكذا ظننا لأننا لن ننتبه لشيء وحتى لو فيه من فيه كنا سنخرج .... صعدنا لبيتهم القريب جدا ونحن مرعوبتين .... ولم أفهم بعد سبب صرخات تلك المجنونة .... ليتني ماقلت لها .... دخلنا بيتهم والمجنونة مازالت تصرخ وتصرخ .... وفي نفس الوقت دخلت أمها من الباب ومعها أكياس .... ويبدو انها كانت خلفنا وسمعت صراخنا ..... كانت تخاصم على الصراخ وتقول : وش يقولون الناس عننا بناتكم قليلات حيا .... ومن هذا الكلام .... توقفت بنتها عن الصراخ .... وإن كانت الرجفة لم تفارقها بعد .... وأمها تسألها وش فيه ؟ .... وش صار ليه الزعيق كذا ؟ .... خرجت كلماتها ملخبطة ..

فهمنا من كلماتها المبعثرة .... أنها رأت ظلّ رأس مقطوع يمشي في بيتنا .... فقط رأس بلا جسم .... وكان ظل الرأس يمشي على جدار غرفة مخصصة للملابس قرب السطح .... نفس المكان الذي انطلقت صرخاتها منه .... ولهذا صرخت وجرت ..

حقيقة أنا أظنها تخيلت هذا بعد الكلام الذي قلته لها .... الفزع صور لها هذا .... لأني أعرفها .... قد تسببت في جلب الشرطة مرة بسبب صرخاتها من اجل وزغة في بيتهم .... من الصراخ قام احد الجيران بالواجب ظنّ عندهم مصيبة !!!

أمرتنا والدتها بالصلاة والسكوت وعدم الكلام .... كل البيت سكت وقتها وهي تستغفر الله .... بدأ فعلا الهدوء والراحة تعود لنا .... صلينا .... بعد الصلاة هدأنا قليلا .... فسحبتنا أمها وبدأت تجر الكلام حرفا حرفا .... بعد أن فهمت .... بدأت تخاصمني إذ الان انتبهت ان البيت مفتوح .... وأخواتي الصغار نائمات .... كيف أفعل هذا الفعل المجنون .... وبدأت تعاتبني عن صوت تلك المرأة التي سمعتها وتقول هي تخيلات .... ثم لبست عباءتها وأعطوني عباءة .... وجاءت معنا أختها الأخرى التي تماثلني في العمر ..
رجعنا للبيت .... وأنا قلبي لا أشعر أنه في مكانه .... شعرت ببيتنا غريب وتسكنه الجن في كل جدار فيه ..

سحبتني جارتنا إلى الشق الآخر من البيت .... حيث تلك الفسحة الصغيرة .... كنت أمشي برعب كبير ولكنها فعلت بي خيرا إذ لو لم تفعل هذا ماكنت لأذهب لتلك الجهة أبدا ..

أخذت تُشير للسلم لأصعد عليه لأتأكد انه مافي شيء .... رفضتُ بقوة .... وبدأت أبكي أني لن أفعل .... صعدت هي بنفسها وهي تستغفر الله وتقول مافي شي وتتكلم كيف الإنسان يستعيذ من الشيطان .... حزنتني وهي تصعد السلم بتعب لأنها كانت حامل يمكن كانت في السابع .... بدأت شوي أطمئن لما نظرت لتلك الفتحة وابتسمت وقالت مافي شي .... ثم صعدت ابنتها أيضا وقالت مافي شيء الخزان بس .... صعدت وقتها بعد دفع من الأم بالقوة فصعدت على السلم وانا أرتجف كنت أشعر أني سأرى ما لايرونه .... بدأت هذه الفكرة تدخلني وقتها أن هذا الشيء يصير لي وحدي .... المهم صعدت ونظرت .... فعلا لم يكن هناك سوى الخزان .... الحمد لله أني لم أفجع بشيء ..

جلست جارتنا وبنتها عندي حتى قومت أخواتي الصغار .... وشربت معي الشاي .... وبدأت تذكر لي هذا تخيلات بسبب خوفنا .... لأن امي كانت تخاف وتخوفنا ومازال هذا مما بقي من الذاكرة .... وجلست تكلمني أقرأ قرآن وأستعيذ بالله إلى أن اطمئننت نوعا ما .... ثم ذهبت لبيتها هي وابنتها ..

مرّ اليوم كئيبا .... ومازال صوت تلك المرأة التي تأن أتذكره .... إلى هذه اللحظة التي أكتب فيها حروف هذا المقطع أتذكر صوت ذاك الأنين الغريب الذي يجعلك تبكي ولا تدري لما .... وإن كان ضعيفا لكني مازلت أتذكره ..

بعد ان خرجت جارتنا وبنتها حاولت أشغل نفسي عن هذا الحدث بالجلوس مع أخواتي الصغار والبقاء كلنا في مكان واحد خوفا على نفسي وعليهم .... ولم نذهب لتلك الجهة .... والمصيبة أني لم أقرأ القرآن كلام ربي الذي يطمئن القلوب .... لم يزل الخوف مني وبقي ولو مع كلام جارتنا .. مازلت أفكر في تلك المرأة وأني لم أنقذها وقصرت في هذا مابين سماعي وانتظاري لبنت جيرانا ؟!! .... لا أدري لما كنت متيقنة أن تلك المرأة تحتاج المساعدة وأنها قد تنتقم مني لأني لم أنقذها لأني الوحيدة التي سمعت صوتها .... جنون صحيح ؟.!! .... وأحيانا أقول لعله هو ينتظرني أستجيب لندائها وانينها ثمّ أصعد على السلم ليدفعني من أعلى السلم إلى الخزان لألقى حتفي ؟!! .... هذه الأفكار كانت تفتك بعقلي وتقتلني فوق خوفي من أني لن أعرف هل هذا التفكير صحيح أم وهم ..
ومع قدوم والدي في الليل مرّ اليوم وانتهى ولم يحصل شيء .... ولكن انطبع في ذهني لهذه اللحظة مع مرور هذه السنوات لازلت متأكدة من ذاك الصوت الذي سمعته .... صوت امراة تأن وتبكي بصوت مكتوم .... صحيح قد يكون صوت ماصورة ينتقل الهواء خلالها فيصدر صوتا .... أوتهيأ لي .... نعم أصدق .... لكن أن يكون لا شيء فلا ..

تكرر مثل هذا الأمر مرة اخرى .... سماع أصوات ضعيفة في نفس المكان .... ولكني لم أكن ألتفت له .... ولم أقترب من المكان لأتحقق من الصوت .... تركته يأنّ .... كأني لا أسمع .... الخوف منه جعني أقتله بالخوف من سماعه .... وكنت أقنع نفسي أنها تهيؤات ليست صحيحة .... أقنعت نفسي مرغمة أني أتهيأ هذا لأني قابلة لهذا .... ولا أدري للآن هل كان وهما أم هو حقيقة ؟!! ..
.
.
.
.
مات فلان ابن فلان .. ولكني لا أعرفه ..

لم أتوقع أن أصحو وأجد تلك الآثار على جسمي ..

إلى حلقة قادمة حسب التيسير ..

لا تنسوني من الدعاء ..