للمضغوطين فقط ..
(عبدالله المديفر / صحيفة اليوم)

السيدة سارة سليم استقالت من عملها رغم نجاحها اللافت في تسويق أجهزة الاتصال الالكتروني ، وعندما حاصرها الناس بالأسئلة المتعجبة ردت عليهم بقولها : لست مجنونة ولكنها «الضغوط» !! ، لقد زاد وزني وشعري بدأ بالتساقط ولا أستمتع بإجازتي الأسبوعية لأني أقضيها في النوم من شدة الإنهاك .
وفي اليابان يوجد مرض اسمه «كاروشي» يقتل 300 ألف ضحية سنوياً وتعتبره وزارة الصحة هناك ثاني الأمراض المسببة للوفاة بعد السرطان ، وسبب هذا المرض الرئيسي هو الافراط في العمل ، وقد صدر كتاب في اليابان بعنوان ( أبي لا يستطيع أن يعود إلى المنزل ) يجسد الكاتب فيه مأساة العامل الياباني .
مشاكل العمل والأزمات الشخصية والخوف من المستقبل وضعف الإحساس بالأمان المادي يجعلنا في ضغوط مزمنة .
هذا الكلام ليس دعاية لمدرسة الكسل أو تخذيلا عن التفاني في العمل ، لكنه تحذير من الفشل في التعامل مع الضغوط التي تحيط بنا من كل جانب ، فإيقاع الحياة المتسارع جعلنا في ركض لاهث فقدنا معه اللياقة السيكيولوجية والراحة النفسية .نعيش حالة صراع دائم بين الأولويات المفترضة والأوقات المبذولة ، وهرمونات التوتر»الأدرينالين و الكورتيزول» تفرزها أجسادنا بشكل متواصل .
عدم ضبط التناغم بين هذه الضغوط وبين نفسياتنا يجعل أجسادنا مضطرة لدفع الفاتورة على أشكال متعددة منها الصداع وارتفاع ضغط الدم واضطرابات النوم والتهاب القولون وسقوط الشعر وفرط الحساسية والتهاب المفاصل والاكتئاب وغيرها ..
ويختلف الرجل عن المرأة في التعبير عن هذه الضغوط ، فنجد الرجل يميل إلى الانسحاب وعدم مشاركة الآخرين ، بينما المرأة تعبر بالبكاء وتحب مشاركة الآخرين في قلقها .
ولا تعد الشكوى الدائمة أو الانتقاد المستمر حلاً لتفريغ الشحنة السلبية لهذه الضغوط ، فنحن نحتاج إلى إعادة تأهيل مهاراتنا لنستطيع التعامل بكفاءة مع هذه الضغوط ومن ذلك مايلي :
أولاً : لابد أن ننشغل بطريقة الاستقبال لا بالحدث نفسه ، فأنت لاتستطيع أن تغير الأحداث والمشاكل كما تريد ولكنك قادر على التحكم بنفسيتك وبطريقة التعامل مع هذا الحدث فوجه تفكيرك ومشاعرك إلى داخلك بدلاً من التركيز على الحدث في الخارج .
ثانياً : ارفع من التعزيز الروحي في داخلك عند الضغوط ، وتذكر أن كل شيء بقضاء وقدر واطلق لسانك في ترديد (لا حول ولا قوة إلا بالله) ، وعلمنا نبينا أن نقول ( قدر الله وما شاء فعل ) فالله لا يقدر شراً محضاً والمؤمن الذي يداوم على تعزيز هذه المعاني يقوي دائرته الداخلية لاستقبال الضغوط الخارجية ، وقد علمنا محمد عليه الصلاة والسلام أن نردد هذا الدعاء ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال ) .
ثالثاً : اللجوء إلى الأشخاص الإيجابيين الذين يمدون أيديهم إليك من غير أن يكون همهم إعادة أحكام الفشل عليك .
رابعاً : الاسترخاء والترفيه وممارسة الهوايات المحببة ، ولا تلتفت للجادين الذين يحكمون على هذه الأشياء بأنها مضيعة للوقت ، فمن الجدية أن تستمع بكل جدية .
خامساً : احترم ذاتك وقدرها وآمن بقدراتها وامنحها الفأل الذي تستحقه ، فالتقدير العالي لذاتك يحصنها من إحباطات المُحْبِطين من حولك .
سادساً : اجعل عينك اليمنى على طموحك العالي ، واجعل عينك اليسرى على توقع الأكثر سوءا ، وبينهما ستتقدم بنفس مطمئنة .
أخيراً : تعلم ثقافة الصبر فالإنجازات العظيمة تأتي بعد الضغوط الكبيرة ، ورسولنا محمد عليه الصلاة والسلام طرد من مكة فأقام دولة في المدينة .