📕من كوبنهاجن الى صنعاء

البعثة الدانمركية
وصلت إلى اليمن في عهد المهدي عباس بعثة أوروبية من الدانمرك تتكون من ستة أعضاء بينهم عالم نباتات، وعالم لغويات، ومهندس، ومساح أراضي، ورسام، وطبيب، وخادم، وكانت هذه الرحلة العلمية التي استمرت من سنة 1761م إلى سنة 1767م أول بعثة أوروبية إلى الجزيرة العربية.
وقد قام أحد أفراد البعثة وهو المهندس (كارستن نيبور) بتسجيل تفاصيل الرحلة المأساة التي قام بنشرها الكاتب الدانمركي توركيل هانسن وترجمها إلى العربية الأستاذ محمد أحمد الرعدي بعنوان (من كوبنهاجن إلى صنعاء).
وفي ثنايا هذا الكتاب التاريخي والوثائقي الهام يدرك القارئ حجم المأساة التي كان يعيشها الشعب اليمني تحت حكم الإمامة الفاسد والأئمة الظالمين، فقد اقترنت تعاسة أعضاء البعثة بمأساة هذا الشعب.
والكتاب جدير بالقراءة والاهتمام والمطالعة، وفيه وصف (نيبور) اللقاء مع المهدي عباس، الذي استقبلهم مقابلة رسمية حضرها وزيره الفقيه أحمد النهمي وكان الإمام جالساً على عرشه وعلى امتداد الجدران يقف صفان طويلان من الزعماء، أخذوه مباشرة إلى الإمام لتقبيل يده اليمين باطنها وظاهرها، وتقبيل ثوبه المتدلي على ركبتيه، وأثناء التقبيل يعلو هتاف المنادي بكلمات تعني (الله يحفظ الإمام) ويردد بعده جميع الحضور هذه الكلمات بأعلى صوتهم ( ).
وكان (نيبور) الوحيد في البعثة الذي يجيد اللغة العربية إلا أنه واجه بعض الصعوبات في فهم اللغة الدارجة في صنعاء، وخلال الحديث مع الإمام اضطر للاستعانة بمترجم، وفي الأخير أشار (نيبور) لزملائه للبدء في عرض ما لديهم من أشياء عجيبة، فعرضوا المنظار، والتلسكوب، ومقياس الحرارة، والبوصلات، وبعض الرسوم المنحوتة والخرائط والرسوم البيانية، وقدم نيبور للإمام المهدي عباس، ولوزيره الفقيه أحمد النهمي بعض الهدايا من الساعات، كما أرسل لهم الإمام إلى منازلهم هدية عبارة عن كيس لكل منهم يحتوي على مبالغ مالية ( )، ثم عرض عليهم الإمام الإقامة في صنعاء لمدة سنة كاملة، ولكن رئيس البعثة نيبور رفض( )، وبعد المقابلة سمح لهم الإمام بالتجول بحرية في شوارع صنعاء والسوق الكبير، ووصف نيبور الأزقة والأسواق المتخصصة وما تحتويه.
وقبل مغادرتهم صنعاء، توجه أعضاء البعثة الأربعة (حيث كان قد مات منهم اثنان في اليمن) لتوديع الإمام المهدي عباس الذي قدم لهم هدايا أخرى منها ثوب عربي وجمال وأموال ( )، وانطلقت الرحلة من صنعاء إلى بيت الفقيه عبر الجبال ووسط الأمطار مع مرض الحمى الذي لازم أعضاء البعثة الأربعة المتبقين الذين وصلوا إلى المخاء وهم في غاية الإنهاك ( )، وغادروا المخاء في الثالث والعشرين من أغسطس سنة 1763م ( )، وقد توفي بقية أفراد البعثة بعد مغادرتهم اليمن، ولم يتبق على قيد الحياة إلا المهندس (نيبور) الذي عاد إلى بلاده سالماً غانماً، وقام بتسجيل تفاصيل الرحلة ......

https://drive.google.com/open?id=0B6...FdPZjdVQUpfME0

#المصدر كتاب خيوط الظلام