السؤال يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في سورة النور الآية ستون: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} صدق الله العظيم.

ولكن لكثرة دخول البنات للمدارس ودراستهن لدروس (قواعد اللغة العربية) و(قواعد اللغة الإنكليزية) و(قواعد اللغة الفرنسية) و(قواعد علم الكيمياء) و(قواعد علم الأحياء) و(قواعد علم الرياضايات)...إلخ من العلوم في مدارس بلدان المسلمين، أصبح معظمهن فعلا (قواعد من النساء) وما يعرف بالعانسات، فهناك مشكلة كبيرة جدا في وجود هذا العدد الكبير من القواعد من النساء في بلاد المسلمين، فكيف الحل أو الطريق في عدم زيادتهن في المستقبل؟ وما هي الحلول السليمة لعلاج مشكلة العنوسة أو القواعد من النساء في بلاد المسلمين؟

وكما نقول للذين يؤلفون الكتب والكراسات عليهم معرفة معاني وألفاظ الكلمات في اللغة العربية من القرآن الكريم قبل أن يضعوا عناوين كتبهم ومنشوراتهم باللغة العربية، حيث إن كلمة (قواعد) جاءت في القرآن الكريم بمعنى (النساء اللاتي انقطع عنهن الحيض ويئسن من الولد ولم يبق لديهن تشوف للرجال والزواج لكبرهن في العمر)، فبدل أن يكتبوا كلمة (قواعد) في عنواين كتبهم عليهم أن يكتبوا كلمة (أسس أو ما شابهها من المرادفات التي تعطي المعنى الصحيح لها) أما كلمة (قواعد) فهي تعني ما كتبته أعلاه أي النساء اللاتي قعدن عن الحيض والولد؛ لأن القرآن الكريم هو (بلسان عربي مبين) أي بلسان عربي واضح ومفهوم ودال وسهل!
والسؤال: ما هو الحل في مشكلة كثرة القواعد من النساء في بلاد المسلمين أي مشكلة العنوسة والعانسات؟؟


الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كاوه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن استشارتكم الكريمة تحتوي على أمرين اثنين:

الأول: ما هو صحة إطلاق لفظ (قواعد) على نحو (قواعد اللغة العربية) أو قواعد علم الأحياء، ونحو ذلك؟

والثاني: ما هو الحل لمشكلة الفتيات العانسات في هذا الحين؟

فأما عن قولك إنه لا يصح أن يقال (قواعد اللغة) ونحو ذلك، لأن لفظ القواعد خاص بالنساء الكبيرات، فهذا القول خطأ؛ لأن لفظ القواعد، يأتي بمعنى النساء الكبيرات اللاتي قعدن عن الحيض بسبب كبر السن، كما قال تعالى: {والقواعد من النساء .. } ويأتي أيضاً بمعنى الأسس التي يبني عليها الشيء، كما قال تعالى: {قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم} أي دمر الله بنيانهم من الأسس التي انبنى عليها، وهذا كقوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} أي أسس البيت، فالقواعد جمع قاعدة بمعنى الأساس على هذا المعنى، فالمقصود أن كلمة القواعد يصح أن تطلق على هذا المعنى وعلى معنى النساء القاعدات، وعلى هذا فعبارة ( قواعد اللغة) ونحو ذلك عبارةٌ سليمة لا غبار عليها، لأنها بمعنى (أسس اللغة) كما قد أوضحناه لك بالآيات البينات .

وأما عن الأمر الثاني: فلا ريب أن مشكلة النساء العانسات هي مشكلة تستحق الاهتمام الكبير، وتستوجب السعي الجاد في علاجها، ومن المعلوم قطعاً أن الله جل وعلا قد جعل أساس الفلاح والنجاج في اتباع شرعه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمتى حصل من الناس اتباع لمنهج الله جل وعلا زال منهم كل ضرر، وزالت عنهم كل مصيبة وبلية .

وقد بين صلوات الله وسلامه، أن تزويج الصالحين أصحاب الأخلاق هو المتعين، فمتى وجد الصالح صاحب الخلق، وتم رفضه بدون سبب معتبر، حصل الفساد في الأرض، وكثر النساء العانسات، مع ما قد يترتب على ذلك من انتشار الفساد، كما هو واقع ومشاهد، فثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد كبير) فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فستجد أن هذا هو الواقع المشاهد، من انتشار الفساد والرذيلة في كثير من الناس، وأيضاً فقد أمر الله جل وعلا بالتزويج إذا حصلت الشروط المعتبرة، كما قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم} والأيامي هم الذين لا زوج لهم سواءً كانوا من الرجال أو النساء.

فمن أعظم الأسباب التي تُعين على علاج هذه الظاهرة هو تعليم الناس وتفقيههم في أمور دينهم، مع بذل الوسع في القضاء على بعض العادات الضارة التي تصعّب من أمر الزواج، مثل غلاء المهور، واشتراط بعض الناس ألا يزوج بنته أو أخته إلا من بني فلان أو بني فلان، كما هو واقع في بعض بلاد المسلمين.

وأيضاً، فإن انشغال كثير من الفتيات بإتمام الدراسة، يُعيق أمر الزواج عند كثير منهن، مع أن الفتاة لو تأملت لوجدت أنها تستطيع في كثير من الأوقات التوفيق بين الأمرين، إذا سمحت الظروف بذلك، وليس هذا خاصاً بالفتيات، بل يشمل الشباب أيضاً كما هو معلوم.

وبالجملة، فإن تحكيم شرع الله، والعمل بما يوجبه هذا الشرع الحنيف هو أساس الحل، مع تبصبر الناس بما يعمل عليه أعداء هذا الدين لنشر الرذيلة والفساد في الأرض، كما قال تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليمٌ في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم ولا تعلمون}.

وهذا الذي ذكرناه هو مجرد إشارة، وأما تحقيق الكلام في هذه القضية والتوسع فيه فلا تحتمله هذه السطور .

وختاماً: فإننا نشكر لك حسن عنايتك بمشاكل الأمة الإسلامية وغيرتك عليها.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.


المجيب :أ/ أحمد مجيد الهنداوي