مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر




    ((الرجولة))

     12-23-2007 12:28 AM
    للرجولةِ قيمتُها و منزلتها عند أربابِ العقول ، و يَدَّعيْها مَن ليسَ من أهلِ الاستنانِ بها من الصغار ، و يَرنو إلى المِدحةِ بها الأكابرُ ، فيُمدَح الشخص بأنه : رجلٌ ، و من قومٍ رِجال ، و فيهِ رُجولةٌ ، و قد يَصِلُ الحالُ أن تُمْدَح المرأةُ بأنها : مُسْتَرْجلةٌ ، لنُدرَةِ الرجولة بين الناسِ.

    و الرُّجولةُ صِفةٌ معنويةٌ و ليستْ شكلاً صُوريَّاً ، فليستْ الرجولةُ هي الذكورةُ ، و إنما هي صِفةٌ تَلْحَقُ مَن هو مَحلُّ الإتيانِ بِها و هم الذكور ، لأنَّها قائمةٌ على العزائمِ القوية ، و التصرُّفات المتينة ، التي تحتاجُ إلى إبداءٍ دائمٍ ، فلا يُستلانُ جانبُ ذي الرجولةِ ، و لا يُستهانُ بمشاعره ، فبتعطُّلِ محلِّ الرجولةِ عن قبولِ معانيها تُنفى عنه و تُلْحَقُ بمن يقومُ بحقائقِ تلك المعاني ، لأجلِ ذا كانتِ الصِبيانُ يُحاكون الرجالَ في رجولتهم ، يُقلِّدونَ في الصفاتِ الكبيرة ، و يتكلمون الكلماتِ المتقدمة على أسنانهم ، فرُبَّ صَغيرِ الظاهرِ غلبَ صغيرَ الباطن ، و كذلك بعضُ النساءِ يَغلِبْنَ الذكورَ فيَسْلُبْنَهم معاني الرجولةِ التي لم يكونوا أهلاً لها فيُنْعَتْنَ _ تعييباً _ بالاسترجالِ ، و استرجالُ النساءِ محمودٌ فيما كان من كمالٍ لها ، و العيبُ ما كانَ نقصاً لحقيقتها ، و الاسترجالُ المحمودُ استرجالُ الصفاتِ الباطنة لا استرجال الأشكال الظاهرة ، فأدركِ الفرْقَ ، فيُطلَقُ الاسترجالُ على غيرِ الذكرِ مدحاً في غالبِ الأحوال ، لكن التأنيثَ إن أُطلِقَ على الذكرِ فهو عَيبٌ في كلِّ حال.

    الرجولةُ كاملةٌ في ذاتها ، فليستْ صِفةً ناقصةً ، تُعْوِزُها المعاني النبيلة ، و هي من أحوالِ الكمالِ في الشَّخْصِ ، لا من النقائصِ اللاحقة ، و هي دافعةٌ نحو الكمالِ و تحقيقه ، تراها تبعثُ في نفسِ الذَّكرِ الحركةَ نحوَ التحصيلاتِ الكمالية ، و تدفعه إلى نَيْلِ المكرُماتِ العالية ، و إنْ تقهقرَ أو رَجعَ أيقظتْ عليه صوتَ الذامِّ الناقِدِ ، فيُعاب تشهيراً لأن الرجولةَ لا ترْضى بمحلِّ الدُّوْنِ و الضَّعَةِ ، فمن ادِّعاها و ليسَ فيه سَعيٌ لكمالٍ فهو ذكرٌ لا رجلٌ ، فكمالُها يُكمِّلُ و لا ترتضي النقيصة .

    الرجولةُ خُلُقٌ ، فما هي بالخَلْقِ الصُوْري ، و لا بالبُنيانِ الشِّكلي ، حيثُ الكمالُ يُصرَفُ حقيقةً للمعاني الخَفِيَّة ، و أما المباني الجَليَّة فليستْ إلا للكماليات لا للكمالات ، و لا مَدحَ للذكورِ بأشكالهم إلا ممن يَهوى الشكلَ ، و لا يقعُ على الأشكالِ إلا مَن أشكلتْ عليه الحقائق ، و أما مَن يقصد الحقائقُ فهو يُشكِّلُ الذواتِ بالصفاتِ و الظواهرَ بالبواطنِ و المباني بالمعاني ، فالرجلُ إن اتَّصَفَ بالرجولةِ كانَ اتِّصَافُه تَحلياً منه بالأخلاقِ التي يتخلَّقُ بِها الرجال ، و لَنْ يَحِلَّ خُلُقٌ عظيمٌ إلا في محلٍّ فيه قبولٌ للرجولةِ ، سواءً كان ذكراً أم أُنثى ، بشراً أم غيرُه ، فمُدحَ الحيوانُ بأخلاقٍ تُمُنِّيَ أن تكون في الذكور ، فكُفْرُ الذكرِ برجولته ينقلُها لمن يستحقها ، و لو كان غيرَ بشرٍ .

    تلك الرجولةُ بمعانيها صِفةٌ نادرةٌ في الذكورِ ، و لا يَكاد أن يجدها الباحثُ كمالاً و تماماً في أحدٍ ، إلا في قِلَّةٍ ، لأن الكمالَ عزيزٌ نادرٌ ، و النادرُ لا يَسعى له إلا نوادرُ الكُمَّلِ .

    و الرجولةُ بَعْد ذا كُلِّه قد تكون رجولةً كاملةً ، و هي التي كمُلَتْ صورةً و صِفةً ، خلْقاً و خُلُقاً ، أو كمُلَتْ خُلُقاً و صِفةً ، فكمالُ الجزءِ الأهمِّ فيها كمالٌ لها .

    و قد تكونُ رجولةً ناقصةً ، تلكَ التي اعترى الذكرَ نوعُ نقصٍ في صفاتِ الرجولة ، فلم يكمُلْ لديه كلُّ أجزائها ، أو غالبُها ، فيُوْصَفُ بالرجولةِ بِقَدرِ ما فيه .


             

     06-07-2008 05:51 PM
    ... جزاك الله خير يا ريان وعساك إن شاء الله صرت رجال ...

             

     06-07-2008 05:55 PM
    إن شاء الله يااسامه ما كتب هذا إلا ويصير رجاااااال ويعجبك ....!!!
    مشكور بارك الله فيك ....!!!

             






شبكة تواصل العائلية 1428~1438 هـ