كيفية حفظ وتثبيت القرآن الكريم
الخطوات المتميزة على طريق حفظ القرآن الكريم:
أولاً: صحة النطق : إن أول خطوة على طريق الحفظ لكتاب الله سبحانه وتعالى بعد التقوى والإخلاص هي صحة نطق الكلمات القرآنية ولا يتحقق ذلك إلا بالتلقي من معلم مجيد للقرآن تلاوة وفهماً لأن القراءة مع التدبر وفهم المعاني تعين على الحفظ وتساعد على التثبت والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفصح الخلق لساناً من الأمين جبريل عليه السلام مشافهة وكان الرسول الكريم يعرض القرآن على جبريل مرة كل عام في رمضان أما العام الذي توفاه الله فيه عرضه على جبريل مرتين .
وهذه هي الطريقة المثلى لتلقي القرآن بأن يتلقى المتعلم من المعلم القرآن مشافهة فيصل بذلك إلى كيفية صحة النطق ثم يعود المتعلم فيلقي ما سمع وحفظ على المعلم وهكذا .
ثانياً المداومة على القراءة: ومما يساعد على الحفظ أيضاً المداومة على القراءة بمعنى أن يقوم المتعلم بجمع ما تلقاه وحفظه من المعلم ويكرره على نفسه فيجعله بمثابة ورده اليومي مع عمل ربط بين ما حفظه في الحاضر وما حفظه في الماضي مع العمل على الربط بين الآيات في كل سورة على حدة .
قواعد عامة وضوابط أساسية في حفظ القرآن الكريم:
أولاً: اختيار الوقت المناسب للحفظ فلا ينبغي للإنسان أن يحفظ في وقت الضيق والضجر أو في وقت ضجيج الأولاد وإنما عليه أن يتحين الوقت الذي يكون الجو فيه هادئاً والنفس مرتاحة غير ضائجة .
ولقد ثبت من خلال التجربة أن أفضل الأوقات العملية للحفظ وقتَ السحر وما بعد الفجر وذلك لصفاء الذهن وراحة الجسد .
يقول الخطيب البغدادي: اعلم أن للحفظ ساعات ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها فأجود الأوقات الأسحار .
ويقول ابن جماعة: أجود الأوقات للحفظ الأسحار وللبحث الأبكار وللكتابة وسط النهار وللمطالعة والمذاكرة الليل .
ثانياً: اقتران الحفظ والقراءة بالعمل ، ولزوم الطاعات وترك المعاصي:
إن لزوم الطاعات ينير القلب ويبعث على السكينة وبالتالي يؤدي إلى صفاء الذهن واستعداده للحفظ بخلاف القلب المظلم بالمعاصي روي عن سيدنا عبد الله بن مسعود قال: إني لأحب الرجل ليس العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها أخرجه ابن عساكر .
وقال علي بن خشرم لوكيع بن الجراح إني رجل بليد ، وليس لي حفظ ، فعلمني دواءً للحفظ فقال وكيع: يا بني والله ما جربت دواءً للحفظ مثل ترك المعاصي ، وهذه توجيهات سلفنا الصالح رضي الله عنهم في هذه القضية ولعل من المناسب أن نستشهد بقول الإمام الشافعي رحمه الله:شكوت لوكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نــور ونـور الله لا يُهدى لعاصي
الطرق العملية المعينة على الحفظ:
أولاً: اقتران الحفظ الجديد بالحوادث المؤثرة :
تمر بالإنسان حوادث كثيرة ينساها ، ويبقى بعضها منقوشاً في ذاكرته ولو بلغ من الكبر عتياً بحسب تأثير تلك الحوادث نفسياً ومادياً وجسدياً ، فإذا استطاع الإنسان أن يقرن حفظه بحادثة ، فهذا مما يثبِّت المحفوظ ، فكلما استدعت الذاكرة تلك الحادثة استدعي معها المحفوظ ، ولذلك أمثلة كثيرة جداً منها: حادثة ضم جبريل عليه السلام للمصطفى صلى الله عليه وسلم المرة الأولى وهو يقول له: اقرأ ... فيجيب ما أنا بقارئ ، فلما ضمه ثلاث مرات تهيأت نفسه للتلقي والحفظ فألقى عليه أوائل سورة العلق .
ثانياً: الاعتماد على فهم معاني الآيات :
وهي طريقة تعتمد على توضيح وتفسير المراد من الآيات وبيان غامضها ، أو سبب نزولها وهي تصلح للكبار أكثر من الصغار وتتم عملية الحفظ فيها كالتالي: أحضر المصحف ومعه تفسير موجز لكلمات القرآن أو تفسير متوسط يتوسع قليلاً واختر مقطعاً من مقاطع السورة التي ترغب في حفظها ثم اقرأ هذا المقطع مركزاً في قراءتك على الكلمات الغريبة ثم افتح التفسير لإدراك معنى الكلمات الغريبة ولتحيط بمعنى الآيات بالإجمال وتطلع فيما إذا كان هناك سبب نزول للآيات وأين نزلت؟ إن أمكن وتكون بهذا قد كونت صورة واضحة شاملة عن الآيات على وجه الإجمال ثم ابدأ بعملية الحفظ مركزاً على نقاط المعاني التي أحطت بها في ذلك المقطع فإذا أتقنت المقطع حفظاً وفهماً فقد حزت كل شيء ثم بإمكانك الانتقال إلى مقطع آخر وتقوم بنفس الخطوات .
الأمور التي تورث الحفظ :
1- الجد والمواظبة .
2- تقليل الطعام .
3- صلاة الليل بالخضوع والخشوع .
4- تكثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
5- السواك وشرب العسل .
6- الصوم وأكل الحلو والعدس واللحم معتدلاً .
7- دوام الوضوء .
8- الجلوس مستقبل القبلة .
9- النظر إلى وجه العالم .
10- امتثال أمر الوالدين وإطاعتهما .
11- الاستيقاظ في الثلث الأخير من الليل والاشتغال فيه بطاعة الله .
12- قراءة القرآن من أسباب الحفظ قيل ليس شيء أزيد للحفظ من قراءة القرآن لا سيما آية الكرسي وقراءة القرآن نظراً .
13- وفيما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه وفيه: يا علي ثلاث يزدنفي الحفظ ويذهبن السقم: اللبان والسواك وقراءة القرآن .
صور مبتكرة من أساليب مراجعة القرآن الكريم :
أولاً: المراجعة الدائرية: وذلك بأن يجتمع قوم من الحفظ على شكل دائرة ثم يبدأ الأول بآية من سورة ما غيباً ويتابع الثاني الآية الثانية ثم يسكت ويتابع الثالث وهكذا كل واحد يقرأ آية واحدة وهذه فيها فائدة مع مراعاة بعض الملاحظات:
أن يقرأ الجميع سراً ، فإذا جاء دور أحدهم جهر ورفع صوته وذلك حتى لا تتقطع القراءة ؛ فإن فيها فائدة عظيمة وهي أن الجميع يكون مستحضراً للسورة ومتحفزاً لأن يقرأ الآية التي تكون من نصيبه .
ثانياً: استماع الشيخ لأكثر من طالب في وقت واحد:
وذلك بأن يكلف الشيخ ثلاثة أو أربعة من طلبته بالمراجعة فيقرؤون سوية كل واحد يراجع سورة تختلف عن الثاني يصوت متوسط الارتفاع والشيخ يسمع للكل ويصحح لهم بدون أي اختلاط وذلك لتمكن الشيخ من حفظه ، وخبرته الطويلة بأحوال الطلاب والأماكن الصعبة التي يمكن وقوع الخطأ فيها
وصايا عامة لحفظة القرآن الكريم :
عليك بإخلاص النية لله عز وجل واحذر المعاصي بجميع أشكالها وأنواعها واحذر من مشاهدة التلفاز ومتابعة الأفلام والمسلسلات السيئة فإنها تمحو القرآن من القلب وتزرع مكانه حب الشهوات فيصبح قلبك بعد مدة من الزمن أسود مرباداً ، وفكر في معالي الأمور واحذر سفاسفها ولا بأس أن يكون لك برنامج رياضي يومي تقوي فيه جسدك كالتمارين السويدية أو رفع الأثقال واحذر من الألعاب الملهية واستشر أهل العلم فيما تقرأ من الكتب المفيدة ، ولكل شاب في مقتبل عمره قدرة هائلة على الحفظ فوجه هذه القدرة التي لديك إلى حفظ القرآن الكريم واحذر من عقوق الوالدين وصاحبهما في الدين معروفاً فدعاء الأبوين لك بالخير له أثر كبير واتخذ صديقاً مؤمناً يخاف الله تعالى ويأخذ بيدك إلى حفظ القرآن وطلب العلم ومعالي الأمور وحذار من مجالسة أهل الدنيا المستغرقين فيها فإنها تقسي القلب وعليك بكثرة القراءة والمطالعة في الكتب المفيدة وأكثر من ذكر الله عز وجل كترديد كلمة لا إله إلا الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة الاستغفار لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الكثيرة .
اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله ويا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على الوجه الذي يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله ويا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرج به عن قلبي وأن تشرح به صدري وأن تشغل به بدني فإنه لا يعنيني على الحق غيرك ولا يؤتينه أحد إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .