السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين ..

سيكون هذا الموضوع موضوعاً شاملاً عن التوبة وكل ما يندرج تحت هذه الكلمة ..

وسيكون مقسماً بشكل عنوان وموضوعه أسفله ، لذا يمكنكم نقل محتويات هذا الموضوع بشكل مقسم كما تريدون ونشرها في المجموعات العربية أو المنتديات العربية وما إلى ذلك ..

وأدعو الله أن يوفقنا و أن يجعل هذا العمل سبباً من أسباب دخولنا الجنة .. اللهم آمين

ويمكنكم تحميل الملف لقراءة الموضوع ببرنامج الوورد بكل يسر وسهوله ..

للتحميل ::

http://www.drb-alokhwa.com/twbh.zip


-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-
ما معنى تائب ؟

تائب يعني راجع .. يعني عائد إلى الله بكل قوتي .. بكل إمكانياتي .. تائب إليك يا الله .. راجع لك يا رب بعد طول غياب .
راجع بعد طول تخبط في ظلمات الذنوب الموحشة ..

ربما في البداية يقول أحد الناس : وماذا نعمل نحن ؟! نعيش بطريقة سليمة والحياة مستقرة .. لكنني أقول : إننا نقع في معاصٍ كثيرة ولا نشعر بخطورة ذلك ، بل أستطيع أن أقول أن هناك أناس كثيرون حولنا ومعنا يقعون في كبائر ... وأعر أن هذا اتهام خطير ... لكنها الحقيقة ..
فشباب كُثُر يقعون في عقوق الوالدين ، وعقوق الوالدين أليس كبيرة ؟ إياكم أن تنسوا أن عقوق الوالدين هو الكبيرة الرابعة في الإسلام ... أليست دمعة الأم الغضبانة مما يسبب غضب الله غضباً شديداً ؟ والأب الذي عجز عن تربية أبنائه ...
وخصوصاً ابنه الذي يرسب في الكلية أو يُدخن المخدرات .. أو الأم التي تبكي دوماً بسبب البنت المصاحبة لشاب دون علم أهلها .. أليست كل هذه الأمور تحتاج إلى توبة؟
أليست هذه الأمور من الكبائر ؟ ...
ألا تعرف أن غضب أمك وأبيك يمكن أن يكون أثقل في الميزان من كافة السيئات ، بل من آلاف الذنوب التي فعلتها في سنة أو اثنتين أو ثلاثة؟ إذاً نحن لدينا كبائر تحتاج منا لتوبة .. قد لا تكون ممن يشرب الخمر أو لا تكون ممن يزني ، لكن عقوق الوالدين من الكبائر ..


إذا فأنت تحتاج إلى توبة ..

كم رأينا من أناس يصلون في رمضان ثم يتركون الصلاة بعد رمضان ، وكم منهم غير منتظم في صلاته حتى في رمضان ، وكم منهم لم يصلِ الفجر منذ عشرين عاماً .. أليس الفجر من الفرائض؟ هل تعرف أن ترك الصلاة من أكبر الكبائر التي تغضب الله عز وجل ، وأنها عماد الدين ومن هدمها هدم الدين؟ كارثة الاستخفاف بترك الصلاة ..
فهنا باب في جهنم اسمه : ( سقر ) . يقول عنه تبارك وتعالى : { ما سَلَكَكُم في سَقَر ، قالوا لم نَكُ من المصلين ، ولم نَكُ نُطعِمُ المسكين ، وكنّا نَخوضُ معَ الخائِضين ، وكنا نُكذِّبُ بيومِ الدين ، حتّى أتانا اليَقين } [ المدثر : 42 – 47 ] .
يقول الله تعالى عنها إنها لا تترك أحداً .. كل من يدخل فيها تسيح خلاياه .. يتفتت تماماً ثم يتكون من جديد ثم يتفتت وهكذا .. { ما تَذَرُ مِن شيءٍ أتَت عَلَيهِ إلا جَعَلَتهُ كالرّميم } [ الذاريات : 42 ]
أمر فظيع ، والملائكة الذين يقفون على الباب يسألون الداخلين : ما الذي أدخلكم؟ ... وكأنهم يشفقون على الداخلين .. فيجيبونهم أنهم لم يكونوا من المصلين ..

وإذا أكرمك الله بترك الكبائر .. فانظر إلى ما تعتبره من الصغائر ... آلاف الصغائر كل يوم .. تخيل كم نظرة حرام في الأسبوع الماضي ، والسيدات والفتيات كمكلمة غيبة قالتها الواحدة منهن في التليفون مثلاً .. طبعاً لا أقول ذلك حتى أضايقكم ، أو أقول أننا ضائعون تماماً ..

لكن حتى نشعر بجمال التوبة لا بد أن نشعر بقُبح الذنب .. فلا بد حتى نتوب أن تكون البداية موجعة بعض الشيء ..

يا ترى لوكل ليلة أحضرت ورقتين إحداهما للكلام الحسن والأخرى للقبيح من كلامك في يوم الذي مضى .. يا ترى كم كلمة ستكتب في كفة الحسنات ، وكم في كفة السيئات ؟ وكيف ستكون نتيجة اليوم ؟ ستكون طائعاً لله أم عاصياً له ؟

ستجد بلا شك آلا الذنوب ، إذاً فنحن نحتاج بشدة إلى التوبة .
أحد التابعين وهو : سفيان الثوري قال كلمة جميلة جداً، قال : جلست يوماً أعد ذنوبي - انظروا إلى اهتمامات الرجل بمستقبله ، فالمستقبل ليس أولاداً وزوجة وأموالاً ، لكن المستقبل جنة ونار-
يقول : جلست يوماً أعد ذنوبي فعددتها ، إذا هي واحد وعشرون ألف ذنب – وهو تابعي جليل – فقال لنفسه : أتلقي ربك يا سفيان بواحد وعشرين ألف ذنب يسألك عن كل ذنب فيها ؟ ...
هذا تابعي جليل ممن تعايش مع جيل الصحابة .. فتخيل نفسك في هذا الموقف ..

فنحن ذنوبنا كثير جداً .. وأحياناً يوُضع في كفة السيئات ذنب كبيرا جداً ، دون أن ننتبه له ، ونقوم به ببساطة .. يعلو صوتك على أمك أو تتأفف لأبيك .. تعمل كوارث وتسبب مصائب .. إذاً نحن نحتاج أن نتوب أن أفعال كثيرة جداً .. نحتاج أن نتوب عن نسيان تلك النعم التي تغمرنا ، وتتنزل علينا من ربنا ولم نشكره عليها ... لأنه في نفس الوقت هناك أناس لا يجدونها .. أليس عدم شكر النعمة يحتاج إلى توبة ؟ ..

نحن نحتاج أن نتوب عن غفلتنا – الناس التائهة عن الله منذ عشرين أو ثلاثين عاماً – لأن من يقترف المعاصي يمكن أن يتركها ، ومن يأتي الكبائر ربما يُقلع عنها .. لكن الغافل اللاهي عن الله الذي نسي قوله تعال : { وما خلقتُ الجِنَّ والإنسَ إلا لِيَعبدون } [ الذاريات : 56 ]
فالغفلة أشد من المعاصي وتحتاج إلى توبة سريعة وجادة ...
كلنا واقعون في ذنوب تعيق مسيرتنا إلى الله .. وما أبرئ نفسي .. فنحن كلنا لدينا ذنوب ...

تعالوا أحكي لكم ماذا يقول الله عنا ؟ وكيف ينادينا ؟

يقول تبارك وتعالى : { قُل يا عباديَ الذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا من رحمةِ الله إنَّ اللهَ يَغفِرُ الذنوبَ جَميعا إنه هوَ الغفورُ الرَّحيم ، وأَنيبوا إلى ربِّكُم وأسلِموا لهُ مِن قَبلِ أن يَأتِيَكُمُ العَذابُ ثمَّ لا تُنصَرون } [ الزمر : 53 ، 54 ]

بعد هذه " الكآبة " التي بدأنا بها وتذكُّر ذنوبنا وتقصيرنا يأتي الفرج من الله ...

صدق أو لا تصدق! ذنوب عشرين عاماً أو أكثر تغفر في لحظة!

{ وأنيبوا إلى رَبِّكُم .. } أسلموا لله .. استسلموا له .. قفوا مع أنفسكم وعودوا .. والسؤال ..ماذا يريد الله منا ؟
{ واللهُ يُريدُ أن يَتوبَ عَلَيكُم } [ النساء : 27 ] وانظر أيضاً إلى قوله بعـدهـا { يُريدُ أن يُخفِّفَ عَنكم وخُلِقَ الإنسانُ ضَعيفاً } [ النساء : 28 ] لأنك لو لم تتب ستكون الوقفة ثقيلة جداً يوم القيامة ، والله يريد التخفيف عنا نحن الضعفاء .. وتأمل قوله تعالى : { والذينَ لا يَدعونَ معَ اللهِ إلهاً آخرَ ولا يقتُلونَ النفسَ التي حَرَّمّ اللهُ إلا بالحقِّ ولا يَزنونَ ومن يفعل ذلكَ يلقَ أثاماً ، يُضاعَف لهُ العذابُ يومَ القايمةِ ويَخلُد فيهِ مُهانا ، إلا من تابَ وآمنَ وعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فأولئِكَ يُبدِّلُ اللهُ سيئاتِهِم حسناتٍ وكانَ اللهُ غَفوراً رحيماً } [ الفرقان : 68-70]

وتجد اللهجة القرآنية قد أصبحت عنيفة عند الحديث حول الزنا - والعياذ بالله - وتبدأ اللهجة تتغير تماماً عند الحديث عن التوبة .. يعني ليس فقط أن يغفر لنا ويمحو السيئات – وهذا ما لا ندركه وننساه – لكن يبدل هذه السيئات إلى حسنات ... يعني لو تبتُ بدأت أتوب أعمل الصالحات تتحول السيئات إلى حسنات ... يعني لو مضى على أحدهم خمس سنوات لم يقرب خلالها الصلاة ، وتاب هذه اللحظة بمجرد انتظامه في الصلاة وأداء بعض السنن تُغفر له هذه السنوات الخمسة ،بل إن سيئات السنوات الخمس السابقة تتحول إلى حسنات .. ! ( بالتأكيد مع ثبات حق الله تعالى في قضاء الفائت .. إنما إثم تركها قد هُدم !) .

ما كل هذا الكرم يارب !! سبحانك ..


ونبيك صلى الله عليه وسلم يتحدث عن التوبة ..

ويحكي لك قصة إنسان لطيف جداً سيأتي يوم القيامة فيأمر الله تعالى الملائكة أن يُنحّو عن كبائر ذنوبه ، ثم يقول له تبارك وتعالى : اقرأ كتابك يا عبدي ، فيقرأ الكتاب فيجد سيئات لا تُحصى ولا تُعد ، فيظن أنه هالك ويسود وجهه ، فيقول له الله تبارك وتعالى : اقرأ كتابك مرة أخرى يا عبدي ، ألم تكن قد تبت فيتذكر فيقول : بلى يا رب قد تبت .. قد تبت يا رب ، فيقرأ فإذا السيئة قد قلبت حسنة .. فيُكلم العبد ربه ويقول : يا رب إن لي ذنوباً أخرى نسيت الملائكة أن تكتبها وأنا أعرفها جيداً ! .. حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحكيها ضحك وبانت نواجذه الشريفة صلى الله عليه وسلم ..

أرأيتم التوبة وجمالها .. وكم هي رائعة؟ ..

وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (( يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب إلى الله وأستغفره في كل يوم مائة مرة )) ..

رسول الله يتوب في اليوم مائة مرة ، وأنت لك عشرة سنين لم تتب مرة واحدة ، الرسول المعصوم !! وأنت العبد الخطّاء !! ..

عن ابن عمر قال : إن كُنَّا لَنَعُد لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم في المجلسِ الواحدِ مائة مرةٍ : (( رب اغفر لي وتب عليَّ ، إنك أنت التواب الرحيم )) [ رواه الترمذي وأبو داود ]

يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة ثم يصمت قليلاً فيسمعه الصحابة يقول : أستغفر الله وأتوب إليه .. أستغفر الله وأتوب إليه .. ثم يتكلم قليلاً ثم يصمت ليستغفر الله ويتوب إليه مرة ثانية ..

واسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي موسى رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ، ليتوب مسيء بالنهار ، ويبسط يده بالنهار ، ليتوب مسيء بالليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها )) [ رواه مسلم ] ..

من الذي يبسط يده؟؟ المحتاج .. ومن يحتاج؟ العبد ، ولكن كرم الله أنه يبسط يده للعبد .. واسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( يتنزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فينادي : هل من تائب فأتوب عليه؟ .. هل من مستغفر فأغفر له )) .
الله جل جلاله هو الذي يعرف علينا كل يوم قبل الفجر بثلاث ساعات ونص تقريباً ...

وتخيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن الله يفرح بتوبة عبده .. تخيل أنك عاصٍ له منذ سنين وترتكب ذنوباً كبيرة .. ثم جاء يوم تقول فيه :