السؤال بسم الله الرحمن الرحيم
علماءنا الأفاضل / حفظكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فجزاكم الله خيرًا؛ وددت أن أطرح قضية لصديق لي وقع في مشكلة؛ وبرجو منكم أن تقدموا له النصح والمساعدة بإذن الله، وهذه هي المشكلة:

صديقي يبلغ من العمر 18 عامًا، وكان هذا الصديق يصلي، وقريبًا من الله وكان دائم الطاعة لرب العالمين، ولكن فجأة ترك الصلاة وأحس أنه فاشل بكل شيء ويقصر كثيرًا في دراسته ويحاول أن يتقرب من الله ثانيةً ولكنه لا يفلح؛ فنطلب منكم مساعدة هذا الصديق وإرشاده إلى الطريق الصحيح بإذن الله ويعود كما كان قريبًا من الله.

والله وليُّ التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بدايةً نسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء، على حسن اهتمامك بصديقك هذا، ولا ريب أن إعانة المسلم عندما يقع في خطيئة أو معصية على ترك الحرام، والابتعاد عن الآثام، لا ريب أن هذا من أعظم القربات التي يحبها الله جل وعلا، بل هو داخل في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً .. . فقالوا: كيف ننصره وهو ظالم؟ فقال: تمنعه من أن يظلم فيكون ذلك نصراً له).

والمقصود أن هذا الصديق بحاجة إلى وقفةٍ صادقة منك إلى جانبه، بحيث لا تتركه، ولا تتخلى عنه في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها، فإن أعظم بلية ومصيبة هي المصيبة في الدين، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تجعل مصيبتنا في ديننا) وأما عن مساعدة هذا الصديق، فإنك بحاجة إلى تذكيره بعظم حق الله عليه، وعظم ذنبه الذي يقترفه ولا يزال مصراً عليه.

فحاول أن تدخل عليه من باب ذكر الموت، وذكر سوء الخاتمة، فذكّره بمصيره لو أن الله قبض روحه على هذه الحال، كيف سيكون حاله ومصيره؟! والعياذ بالله.

وكذلك حاول أن تدخل في تذكيره مدخلاً لطيفاً، وذلك بأن تذكره بنعم الله عليه، وستره له، وكيف أنه وهبه هذه النعم من سمعٍ وبصر وصحة وعافية، ثم هو يستخدمها في معاصي الله وفي ما يسخطه جل وعلا، وأول ما تبدأ معه هو الصلاة، فذكره بحق الله العظيم الذي قد فرط فيه، فكيف يرضى بأن يكون ممن يقول الله تعالى فيهم :{يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون .. }.

كيف يرضى أن يكون تاركاً للصلاة ونبيه الذي يؤمن به وبرسالته يقول: (بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة ).

فذكره بنعمة الله عليه، حيث جعله من عباده المؤمنين، ولو شاء لجعله يهودياً أو نصرانياً، فهل هذا جزاء نعم الله وكرومه؟!!

وأما عن سبب استرسال هذا الصديق في المعاصي، فلا شك أن سبب ذلك هو تتابع الذنوب وتكاثرها عليه، حتى صار حاله إلى هذا الحال المؤلم المؤسف .

إن عليه أن يُبادر إلى التوبة قبل فوات الأوان، قبل هجوم الموت عليه، وقبل أن يعض على يديه ندماً وحسرةً، قال تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً}.

وليستمع إلى نداء الله الكريم الحليم الذي قد عصاه وخالف أمره: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }.

فعليه أن يتوب، وندائنا لهذا الأخ أن نقول: تُبْ إلى ربك ومولاك قبل أن تطلب التوبة فلا تجدها، تُبْ إلى ربك الرحيم الكريم، قبل أن تلاقى ظلمات القبر ووحشته وسؤال منكر ونكير، {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.

والله ولي الهداية والتوفيق.


المجيب : أ/ أحمد مجيد الهنداوي