حلفت أم الإمام أبي حنيفة ذات يوم يمينًا، وأرادت أن ترجع فيه، فسألته فأفتاها لكنها أبت القبول منه وقالت له :
بل أذهبُ إلى زرعة القاص ـــ وزرعة القاص عابد يحبه الناس ولكنه ليس فقيهًا ـــ ، فأخذ الإمام أمه إلى زرعة القاص وأرسل له يقول :
لو جاءك سؤال كذا فجوابه كذا، فلما دخلوا على زرعة قالت له :
أفتنا .
قال : أفتيكِ ومعكِ إمام الأمة؟!

فقال له أبو حنيفة : أفتها .

فأجابها بمثل جواب أبي حنيفة فقبلت منه .

بعض الناس في هذا الزمان أصبح لا يريد أن يأخذ الدين من أهل العلم الراسخين فيه بل تراه يتلقفه من هذا وذاك لمجرد أنه يعرف كيف يسرد القصص ويلقيها بشكل يجعله يؤثر في الناس ويثير عواطفهم بتلك القصص التي لا تدري هل هي مكذوبة أم صحيحة فيفتنهم بكلامه المنمق ويُفتن هو بكثرة الأتباع فيظن أنه علي شيء .

نعم لم تعرف هذه العجوز من هو ابنها بل ورفضت أن تأخذ منه فتوى صغيرة وهو إمام الدنيا في الفقه وكل من جاء بعده إنما هو عالة عليه في الفقه ، كم هو مؤسف حال من يترك كلام العلماء الراسخين في العلم ليأخذ برأي مفكر نصيبه من العلم الشرعي ضعيف .

قبل سنوات كنت استمع لأشرطة طارق السويدان ومن الطبيعي أن تألف صوت من تستمع له وبالتالي تحبه سيما وأسلوب الرجل رائعٌ جداً وغير مسبوق في الإلقاء الذي تعودنا عليه فأسلوبه لم نكن نعهده من قبل ــ أتمنى أن يأخذ علماؤنا هذا العلم ــ وهو ماجعلني استمع لأكثر إنتاجه وأتابع جديده وأظن والله أعلم أني من كثرة استماعي له أصابتني الحالة التي أصابت والدة الإمام أبي حنيفة، كنت أصم آذاني عن التحذير المبكر من شخص طارق السويدان وتوجهه بل وكنت أشمئز من الكلام عليه حتى لم تمض الأيام والليالي إذ جمعني الله برجل أثق به جداً حيث قال لي كلاماً يصعب تصديقه وكان ذلك قبيل أن تبدأ قناة الرسالة البث .

كنت والله يشهد على كلامي أنتظر متى يأتي ذلك اليوم الذي أرى فيه طارق السويدان الذي سمعنا من فيه سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد طرق شاشات المسلمين بفضائيته ينشر سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم .

انتظرت بشغف خروج فضائيته ليرسخ في نفوس بني الإسلام وناشئتهم عقيدة الولاء والبراء فهو من كان يقص في أشرطته كيف تعامل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الكفار من خلال تطبيق ما فهموه من الرسول صلى الله عليه وسلم .

ظننت بأنه سوف يركز تركيزاً خاصاً على إحياء روح الجهاد وأنه سيكون رمزاً للمجاهدين بما نقل لنا من وقائع الغزوات والسرايا والمعارك والفتوحات في ألبوماته الكثيرة عن هذا الموضوع بالذات .

توقعت أن نساءنا سينهجن نهج فاطمة وعائشة وحفصة رضي الله عنهن في الحياء والحشمة والعفة والغفلة بعد مشاهدة قناة الرسالة الفضائية وما ذلك إلا لأني أحسنت فيه الظن في هذا الجانب خصوصاً بعد سماعي لألبومه المؤثر جداً نساء خالدات .

كنت إذا تشاءمت أقول ستكون قناة طارق كقناة المجد الفضائية خالية من كثير من المحاذير الشرعية وسوف يكون تعاطيها للأحداث الساخنة مثل تعاطي القنوات الحكومية .

قال صاحبي الثقة إن د. السويدان وعد بأن تكون برامج القناة مختلطة بشكل إسلامي وسيسمح للمرأة بالخروج كمذيعة وضيفة .

أصدقكم القول بأني أعرف صدق الرجل وتثبته من المعلومة ولكن إدماني على سماع أشرطة السويدان جعلني أستبعد ذلك وأقول في نفسي ( ما يسويها طارق مستحيل يسويها ) .

صحيح أن القناة تمول من أموال ربوية ولكن صاحب القناة قد قال لطارق إنه لا يريد بهذه القناة غير وجه الله .

يمكن مقصد طارق حسن والغاية تبرر الوسيلة أحياناً وليس من أراد الخير فأخطأه كمن أراد الشر فأصابه .

لم أشك لحظة في توجه صاحب الأموال المشبوهة ولبثت في هذا الصراع أكذب ما أرى بعيني إلى أن قال المشايخ كلمتهم وصدعوا بالحق .

إن الرجل المشبوه أتى بالمفكر المشبوه ليبث الأفكار المشبوهة بالأموال المشبوهة فيتلبس الناس بالمعاصي والشهوات المبررة بالخلافات وبالشبهات وبثقافة ومفهوم جديد ألا وهو الإسلام العصري .

بدأت القناة البث فقلت في نفسي صدقت يا صديقي بل وعرفت أنه كان قد أخفى عني الكثير لأنه خشي علي الفتنة حيث إن من حدث الناس حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لهم أو لبعضهم .

إذن يبرز سؤال كبير هنا وهو :

س / ما هو معنى الإسلام العصري ؟

ج / يعرف الإسلام العصري بأنه تطويع الدين حسب الرغبات والأهواء وجعله
يتكيف مع الأفراد والجماعات لا أن يتم تطويع الرغبات والأهواء لتتكيف مع
الدين، وبمعنى أشمل وأشول وأكمل وأجمل وأدق (
الإسلام الأمريكي
) .

د. طارق ... حاشا لله أن أتهمك بالعمالة لأمريكا فهذا أمرٌ يحتاج إلى دليل عليه وأنا لا أملك الدليل، ولكن أجزم بأنك تريد فرض النظام الأمريكي على الإسلام وأهله من خلال رسالتك وذلك ويا للأسف أيضاً بإسم الإسلام .

نعم ثمانية عشر سنة في أمريكا ليست بالقليلة وهي كفيلة بتغيير قناعات أي إنسان مهما كان مدركاً .

أحياناً تقودك أشياء صغيرة إلى أمور كبيرة فهي علامات عليها ودليل لمن له عقل ودراية، هذه بعض عبارات وكلمات وجمل قالها طارق قد تغير عند البعض قناعات وقد تضع حوله تساؤلات واستفهامات :

قال لتركي الدخيل في إضاءات :

(( يعني العفو، أنا لست واعظاً، أنا إنسان صاحب فكر.. أريد أن أغير في هذه الأمة )) .

تركي الدخيل يسأله :

وش تصنف نفسك ؟ واعظ ولا داعية ولا مفتي ولا... ؟

يجيب السويدان مقاطعاً :

((
لا لا بس الشيء الوحيد الي من هالصفات مش مفتي، زين شيلها هذه، وإن
كنت ماني عاجز عن هذا، بس ماني مفتي
)) .

تركي الدخيل يسأله :

لست عاجزاً عن الفتوى لكنك لا تفتي ؟

يجيب طارق :

(( إي يعني الحمد لله زين لكن ما أفتي ))

تركي يسأله :

طيب ليش ؟

يجيب طارق :

((
أنا أقول لك ليش باختصار .. لأن هناك من هو أعلم مني بالفتوى، وأقدر
مني عليها، ثم الفتوى لا تغير في الناس الذي يغير في الناس هو الفكر وليس
الفتوى
)) .

كلامه عن الوعظ بهذه الطريقة يذكرني بكلام كتاب الصحف وسخريتهم من الوعظ ونعت المشايخ بـ الوعاظ ولكن الحمد لله تراجع على طول وقال بأنه واعظ ماعنده مشكلة ولكن وقع في طامة أخرى وهي أنه أراد أن يتواضع ويتورع عن الفتوى ثم لم يصبر طويلاً فقال :

(( وإن كنت ماني عاجز عن هذا ، بس ماني مفتي )) .

فيا ليته سكت عند هذا ولم يشرح كلامه كان أستر له فعقب على هذا الكلام بقوله :

(( لأن هناك من هو أعلم مني بالفتوى، وأقدر مني عليها )) .. ــ كلام جميل
ـــ ولكن كعادته لم يصبر فخربها مباشرة بشرحه للكلام الجميل هذا بقوله :

(( ثم إن الفتوى لا تغير في الناس )) .. يعني يا من تفتي الناس ترى دورك هامشي وستكون فتاواك حبر على ورق حيث إن الناس سوف ينصتون لكلام المفكر ويطبقون ما يذهب إليه اجتهاده في القضايا والحوادث وسيكون هو ملهم الجماهير وقائدهم وسيتم العمل بآرائه والأخذ بها كما لو كانت فتوى أو أشد .

ثم قال :

(( الذي يغير في الناس هو الفكر وليس الفتوى )) .. وهذا هو بيت القصيد ما
فائدة الناس من فتاوى بن باز وبن عثيمين في الإختلاط والتبرج والسفور والمسلسلات والموسيقى والولاء والبراء والجهاد والحجاب وأهل البدع وعدم فسح المجال لهم ليرموا بشبهاتهم على الناس وغيرها وهم يشاهدون قناتك الرائعة .

أقول يا د. طارق صدقت وأنت كذوب .



بعد انتهاء مقالي أقول وجدت الكثير الكثير من الكلام حول طارق السويدان وأخطاءه التي لا تغتفر من رد الأحاديث الصحيحة والأخطاء العقدية والتهكم والتعريض بكبار علماء المملكة وإعطاءه برامج اسبوعية لمن يتهم المملكة بالوهابية وغيرها الكثير ولكن أحببت الاختصار على القارئ الكريم وهذا فيديو للشيخ خفيف الظل وجدي غنيم وهو يقول عن أعمال طارق بأنها كفر بالله؛ وقال إن كانت الوسطية ما عليه طارق السويدان فأنا أول الكافرين بها .