P
بعض كتاب الصحف اليوم "إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث"
بل يحق على بعضهم إطلاق اسم "فسّاق الصحف" من جراء سعيهم الحثيث لجر الأمة إلى الهاوية ، فإنك تشم رائحة فسقهم أكثر ما تجدها في دعواهم لتحرير المرأة وإخراجها لتشارك الرجل في كل شؤونه ، دون الالتفات إلى قيد من كتاب وسنة ، أو تحذير من فتنة ، ومن المعلوم لدى كل عاقل أن الدعوة إلى خروج المرأة ومخالطة الرجال هكذا دون ذكر للقيود التي ألزمها الشرع المطهر بها ؛ تمرد على الدين ، وغش وتغرير بنساء المسلمين ، ومحاولة لطمس حيائهن ؛ لمعارضته الصريحة الواضحة للفطرة والدين ، وبهذا يستدل العاقل المنصف أنها بلا شك دعوة إلى تحقيق الفساد الأعظم الذي يؤذن بهلاك الأمة ، ومفتاح للباب الموصد دون أعداء الملة ، حقيقة يراها من لم يسحره بريق بلاغتهم ، ولم يخف عليه تسترهم كالأفعى من تحت تبن بمصطلحات عصرية غربية ، توافق أهوائهم ، وتساير شهواتهم البهيمية ، يتغنى بها كل كاتب يريد أن يلبس على الناس دينهم بمثل "العقل المتنور" و "النزعة العقلية الاستقلالية" و "الحضارة" و "الحرية" و "تحرير المرأة" و "رؤية الحياة من خلال طبيعة الكون" و....الخ ؛ إلا أن هناك ولله الحمد ثمّة دلائل تسوق العاقل إلى كشف حقائقهم ، وزيف ادعاءاتهم لمن تتبع كتابات القوم ، ونظر بعين الإنصاف لا بعين الشهوة والإجحاف ، فمن أوضح الدلالات ، وأشهر الصفات التي تميزهم هو عدم الاستناد في أقوالهم إلى قال : الله ، قال : رسوله ، قال : أئمة السلف ، عند الخوض في أي موضوع من شؤون الحياة "له علاقة بالدين" وهذه سمة واضحة لأهل الأهواء في الملل والعقائد، وإلا كيف يكون التفريق بين الحق والباطل ، ولإدراك بعض الناس هذا الأسلوب فإنه غالباً ما يقوم مشروع "فساق الصحف" على إيهام القارئ بأن الموضوع لا علاقة ولا صلة له بالدين أصلاً بنقل القارئ من الساحة "المحدودة بنطاق الشرع" والمؤثرة على عقلية وتوجه القارئ إلى الساحة "اللامحدودة" من عادات وتقاليد المجتمع والآداب والفنون و.... الخ ؛ لتمرير قيود الشرع وإبعادها ببراءة ، ومن ثم يكون التلفيق والتغيير ببراعة .
فإن كان له صلة وثيقة بالدين كأن تكون مسألة فقهية مما وقع فيها الاختلاف بين العلماء سلكوا فيها مسلك الزنادقة في تتبع الرخص لإسقاط أحكام الدين ، أو جمع بعض الأدلة والأقوال المؤيدة لرأيهم وطرح ما عداه من الأدلة والأقوال الصحيحة والصريحة وعدم ذكرها، أو الإكثار من ذكر الخلاف الواقع بين العلماء في المسألة ، والقول بأن الخلاف رحمه ، وأن الدين يسر ، فإن أعيتهم الحيل ذهبوا إلى أن المسألة "عادة" وليست "عبادة" وأن إقرارها أو منعها متوقف على رأي المجتمع ، وإذا نظرت إلى تخصص أحدهم أو هوايتهم وكتاباته لرأيته صاحب فن وهواية ، أو صاحب طب وسياسة ، ويرد على من عارضه بأن العلم ليس حكر على أحد ، ولو دققت النظر جيداً في صورة أحدهم المنشورة في الصحف لاستوحيت البلادة من نظرته وهيئته ، وأيقنت بأن العلم نور له أثره .
وهناك صفات يتصفون بها هؤلاء الكتبة الكذبة تراها ظاهرة في كلامهم دائماً حتى تعلم بأنهم هم العدو فتحذرهم منها :- الرد بسخرية على العلماء والطعن فيهم ، تعميم الخطأ الفردي على أهل الدين دون استثناء بـ"بعض" فهم أبعد الناس عن الإنصاف وخاصة مع أهل الحسبة ، الاستهتار من بعض المسائل العقدية في اليوم الآخر خاصة عند ذكر الموت ويشنعون على المكثرين من ذكره حتى صرخت واحدة منهم وقالت في موضوع بالجريدة "من يوقف هؤلاء الواعظات" لأنه من المنغصات ومن الموانع للعيش بحرية في هذه الدنيا، أيضاً التهكم بتاريخ وسير سلفنا الصالح وتسميته في بعض ألفاظهم "أحلام ، خرافات ، مخالف للعقل ، معجزات".
أخي المبارك .. أختي المباركة .. ومن تتبع نصائح المشفقين والغيورين وقرأ ردود هؤلاء الكتاب الفساق عليهم في الصحف اتضح له أن الكاتب من أمثال هؤلاء تأخذه العزة بالإثم عند نصحه ، والاغتباط والفرح يغمره في ذكر اسمه ، واشتهاره في أهله ، بل يشعر بنشوة انتصار على خصمه ، مما يعطيه دافعاً للمواصلة في همجيته ، والتعليق والرد بسخريه ، ينطبق عليه "إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث" ؛ مما يضطرنا حقيقة إلى الالتفات والانتباه لمسألة فقه الدعوة ، وأن لا يأخذنا في الرد عليهم الحماسة ، مع تحقق وقوعهم بالحماقة ، فنسلك معهم مسلكاً متوازناً يحقق مصلحة دون حدوث مفسدة ، أو أن نقدم درء المفسدة المتحققة على جلب المصلحة ، وذلك بالكتابة في الموضوع الذي أثاره الكاتب الكاذب ؛ بأسلوب بعيد عن المناقشة فيما كتب الكاتب أو مجادلته ، إنما هو رد ونقض بأسلوب غير مباشر ، حتى يتحقق المراد دون مصادمة ، ودون خلق جو ينفذ معه الشيطان للإيقاع والنفخ وإلقاء الشبه .
والتعامل معهم في صحف الانترنت أبسط من ذلك بكثير أيضاً بأن يرسل له رسالة إنكار وأنه على خطأ بكلمة مختصرة ودعوته في الحوار والمناقشة عن طريق المراسلة بالبريد ، بعيداً عن الأنظار والأضواء ، ومحل الرياء .
وأخيراً وليس آخراً بإذن الله ما أدعوا إليه أرجوا أن يدخل في قول الله عز وجل :{والذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} ..
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .،،