الحصان الجامح
05-12-2008, 01:20 AM
إليكم قصص بعض الصالحين علـّنا نتـّعظ بها وترقّ قلوبنا ونسعى للاقتداء بهم علـّنا نفوز برضوان الله تعالى.
وقبل أن أشرع بذكر بعض القصص إليكم هذه المقدّمة البسيطة عن فائدة القصص يقول الإمام محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، في مستهل كتابه " مختصر سيرة الرّسول صلـّى الله عليه وعلى آله وسلـّم " ..
يقول : ومن أوضح ما يكون لذوي الفهم قَصص الأولين والأخرين
قَصص من أطاع الله وما فعل الله بهم ..
قَصص من عصاه وما فعل الله بهم ..
فمن لم يفهم ذلك ومن لم ينتفع به فلا حيلة فيه ؛ كما قال الله تعالى : ** وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ }
ثمّ قال رحمه الله : ولمّا ذكر اللهُ القَصص في سورة الشعراء ختم كلّ قصة بقوله : ** إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } ..
فلقد قصَّ الله تعالى ما قصَّ لأجلنا كما قال :
(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111)
وقال بعض السلف : " القَصص جنود الله تعالى "
والآن أترككم مع بعض القصص والعبر من كلمات سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى علـّنا نتـّعظ بفضل الله تعالى:
1: روي أن عمر رضي الله عنه سمع قارئًا يقرأ:(إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) قال هذا قسمُ حقّ فظنّ أنّ العذاب قد وقع به فغشي عليه.
2: وقال الشعبي رحمه الله لمـّا طـُعن عمر رضي الله عنه أتـِىَ بلبن فشرب منه فخرج اللبنُ من طعنته فقال الله أكبر وجعل جلساؤه يثنون عليه خيرًا.
فقال وددتُ أن أخرج من الدنيا كفافًا كما دخلتُ لا عليّ ولا لي والله لو كان لي اليوم ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع.(( فماذا نقول نحن عن أنفسنا يا أمير المؤمنين رضي الله عنك* طبعا هذا التـّعقيب منـّي أنا أخوكم الكاتب*))
ولما احتضر غشي عليه ورأسه في الأرض فوضع ابنـُه عبد الله رأسَه في حجره فلما أفاق من الغشية قال لابنه عبد الله ضع رأسي على الأرض كما أمرتك فقال له ابنه يا أبتي وهل الأرض وحجري إلا سواء قال ضع رأسي على الأرض كما أمرتك فوضعه.
قال فمسح خديه بالتـّراب ثم قال ويل لعمر ويل لعمر ويل لأمّ عمر إن لم يغفر الله لعمر فإذا قضيتُ فأسرعوا بي إلى حفرتي، فإنـما هو خيرٌ تقدمونني إليه أو شرٌ تضعونه عن رقابكم.
3: لمـّا احتضر سلمان الفارسي رضي الله عنه بكى فقيل له ما يبكيك؟
قال والله ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدّنيا ولكن عهدٌ عـَهـِدَه إلينا رسولُ الله صلـّى الله عليه وسلـّم قال ليكن بلاغ أحدكم من الدّنيا كزاد الرّاكب ،
فلمـّا مات نـُظر في جميع ما ترك فإذا قيمته ثلاثون درهما وقد كان أميرا على مدائن كسرى
4: وقال منصور دخلت على عطاء السلمي أعوده وهو مريض فرأيته يبتسم فعجبت من ذلك فكأنـّه فهم عني.
فقال أتعجب يا ابن أخي فقلت وكيف لا أعجب فقال وكيف لا أضحك وقد دنى فراقي ممن كنت أخافه وأحذره.
ودنى قدومي على خالقٍ كنت أرجوه وآمله ،
أتجعل مقامي مع مخلوقٍ أخافه كقدومي على خالقٍ أرجوه، قال هذا قبل أن يحضره وينزل به الموت.
5: لله درّ الشيرازي عندما قال كلمة رائعة ..
إذا سمعتم حيّ على الصلاة ؛ ولم تجدوني في الصّف الأول ؛ فإنـّما أنا في المقبرة .
6: كان أبو مسلم الخولاني رحمه الله تعالى حازماً مع نفسه أشدَّ الحزم ، قد علـّق سوطاً في بيته ..
ثمّ تأمـّلوا كيف يربـّي نفسه يا أصحاب الهمم ..
يخوّف بذلك نفسه ويقول لنفسه :
قومي .. قومي .. فوالله لأزحفنَّ بك زحفاً إلى الجنـّة ..
فوالله لأزحفنَّ بك زحفاً إلى الله حتـّى يكون الكلل منك لا منـّي ..
فإذا فتر وكلَّ َ وتعب تناول سوطه ؛ وضرب رجله ، ثم قال كلمات رائعات طيبات ، كلمات حريّ بكلّ صاحب همـّة أن يرددها ..
يقول : أيظن أصحابُ محمد صلـّى الله عليه وآله وسلـّم أن يستأثروا به دوننا ؟ كلا والله لنـزاحمنـّهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنـّهم خلَّفوا وراءهم رجالاً ..
7: عـُوتب عطاء السلمي في كثرة البكاء فقال: إنـّي إذا ذكرت أهلّ النـّار وما يُنزلُ بهم من عذاب الله تعالى مثلـّت نفسي بينهم فكيف لنفس تـُغلّ يدُها وتـُسحب إلى النـّار ولا تبكي.
8: كانت إحدى العابدات تقول: والله لقد سئمت الحياة َ حتـّى لو وجدتُ الموت يباع لاشتريتـُه شوقاً إلى الله وحباً للقائه فقيل لها: على ثقةٍ أنت من عملك قالت: لا والله لحبـّي إياه وحسن ظنـّي به أفتراه يعذبني وأنا أحبـّه .
9: قال أبو الفوارس الكرماني: من غضّ بصرّه عن المحارم وأمسك نفسه عن الشّهوات وعمـّر باطنه بدوام المراقبة وظاهره باتـّباع السنـّةِ وعوّد نفسه أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ( بإذن الله تعالى)
10: يروى أنّ ابن المنكدر رحمه الله عندما نزل به الموت بكى فقيل له ما يبكيك فقال والله ما أبكي لذنبٍ أعلم أني أتيته ولكني أخاف أن أكون قد أذنبت ذنبًا حسبته هينًا وهو عند الله عظيم.
11: روى ابن أبي الدنيا من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت عبد الله بن حنظلة يوما وهو على فراشه وعدته من علـّته فتلا رجل عنده هذه الآية: (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (الأعراف:41)
فبكى حتـّى ظننت أن نفسه ستخرج وقال صاروا بين أطباق النـّار ثمّ قام على رجليه فقال قائل يا أبا عبد الرحمن اقعد قال منعني القعود ذكر جهنـّم ولا أدري لعلـّي أحدهم.
12: قال ابن أبي ذئب حدثني من شـَهـِد عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة وقرأ عنده رجل (وإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً) (الفرقان:13)
فبكى عمر حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه فقام عن مجلسه ودخل بيته وتفرق الناس.
17: قال أبو نوح الأنصاري وقع حريق في بيت فيه عليّ بن
الحسين رضي الله عنه وهو ساجد فجعلوا ينادونه يا ابن رسول الله النـّار فما رفع رأسه حتى أطفئت فقيل ما الذي ألهاك عنها قال النـّار الأخرى.
فاسلك أخي الحبيب منهاج هؤلاء العقلاء، والتمس على آثار هؤلاء الفضلاء، وأدم حسرتك، وأطل زفرتك، وامزج بدم الفؤاد عبرتك، وصل البكاء بالبكاء، والأسى بالأسى.
وكن في الدنيا كأنـّك غريب أو عابر سبيل .
فعن ابن عمر قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم ببعض جسدي فقال : " كن في الدّنيا كأنـّك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك في أهل القبور( صحـّحه الألباني رحمه الله تعالى).
فيا أخي الحبيب الغالي هذه هي النـّار وهذا حال سلفنا الصالح إن قرؤوا أو سمعوا عنها وتفكـّروا وتدبـّروا وتذكـّروا ،
فما ننتظر جميعا كي إلى ربّنا نتوب وإلى خالقنا نؤوب .
ومن النـّار نفرّ ونهرب ، وإلى الجنـّة ورضوان الله نسعى ونتقرّب.
أما أتعبتك الذنوب ؟
ألستَ إلى القبر صائر ؟
ثمّ إلى الجنـّة أو النـّار المصير .
أين المفر ؟
أين المهرب ؟
ألم تستمع لنداء ربّك المجيب (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذريات:50)؟؟
أخي الحبيب أنت إن رأيتَ أسدا ماذا تفعل ؟؟
ألا تفرّ منه ؟!
فلله المثلى الأعلى المؤمن يفرّ من الله إليه وليس منه،
فلا مفرّ منه إلاّ إليه .
فلنفرّ إلى الله تعالى بترك الذنوب ، بترك السبّ والطعن واللعن والشـّتم .
واعلم أنّ عليك رقيب يحصي لك أعمالك وأقوالك وخطراتك ، فاحرص أخي الحبيب ألا تعمل عملا ما وأنت تخشى أن تلقى الله وأنت تعمله .
فهل تحبّ أن تلقى الله وأنت تطعن بالمسلمين ؟
أو تسبّ المؤمنين ؟
أو خصيما للمجاهدين والعلماء المخلصين؟
أخي الحبيب وقفة صادقة مع نفسك .
أخي الغالي الحبيب قف بين يدي الله تعالى في جوف الليل واسأله أن يلهمك رشدك .
اسأله التـّقى .
اسأله الإحسان .
اسأله المغفرة.
اسأله الصّلاح .
اسأله الرشاد.
بل اسأله الجهاد والاستشهاد عسى الله تعالى أن يمنّ عليّ وعليك به .
ولا تنسى الحصان الجامح من دعائك
وأختم بهذه النـّجوى
يا من يَرى ما في الضمير ويسمَعُ ... أنت المُعّدُّ لكلّ ما يـُتـوقـّعُ
يا من يُرجَّى للشدائِد كلَّها ... يا مَن إليه المُشتكَى والمَفزَعُ
يا من خزائنُ رِزْقه في قولِ كُن ... امنُنْ فإن الخيرَ عندك أجمعُ
ما لي سِوَى فقرِي إليك وسيلة ٌٌ ... فبالافتقارِ إليك فَقـْرِي أدفعُ
ما لي سوى قَرْعِي لبابِك حِيلة ٌ ... فلئنْ رَدَدْتَ فأيَّ بابٍ أقرعُ
ومَن الذي أدعُو وأهْتِف باسمه ... إن كان فَضـْـلـُُكَ عن فقيرٍ يُمنعُ
حاشا لجودك أن تـُقنـّط عاصياً ... الفَضْلُ أجزلُ والمَواهبُ أوسع
ثمّ الصّلاة على النبي وآله ... من جاء بالقرآن نوراً يسطعُ
وآخر دعوانا أن الحمد لله والصـّلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وقبل أن أشرع بذكر بعض القصص إليكم هذه المقدّمة البسيطة عن فائدة القصص يقول الإمام محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، في مستهل كتابه " مختصر سيرة الرّسول صلـّى الله عليه وعلى آله وسلـّم " ..
يقول : ومن أوضح ما يكون لذوي الفهم قَصص الأولين والأخرين
قَصص من أطاع الله وما فعل الله بهم ..
قَصص من عصاه وما فعل الله بهم ..
فمن لم يفهم ذلك ومن لم ينتفع به فلا حيلة فيه ؛ كما قال الله تعالى : ** وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ }
ثمّ قال رحمه الله : ولمّا ذكر اللهُ القَصص في سورة الشعراء ختم كلّ قصة بقوله : ** إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } ..
فلقد قصَّ الله تعالى ما قصَّ لأجلنا كما قال :
(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111)
وقال بعض السلف : " القَصص جنود الله تعالى "
والآن أترككم مع بعض القصص والعبر من كلمات سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى علـّنا نتـّعظ بفضل الله تعالى:
1: روي أن عمر رضي الله عنه سمع قارئًا يقرأ:(إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) قال هذا قسمُ حقّ فظنّ أنّ العذاب قد وقع به فغشي عليه.
2: وقال الشعبي رحمه الله لمـّا طـُعن عمر رضي الله عنه أتـِىَ بلبن فشرب منه فخرج اللبنُ من طعنته فقال الله أكبر وجعل جلساؤه يثنون عليه خيرًا.
فقال وددتُ أن أخرج من الدنيا كفافًا كما دخلتُ لا عليّ ولا لي والله لو كان لي اليوم ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع.(( فماذا نقول نحن عن أنفسنا يا أمير المؤمنين رضي الله عنك* طبعا هذا التـّعقيب منـّي أنا أخوكم الكاتب*))
ولما احتضر غشي عليه ورأسه في الأرض فوضع ابنـُه عبد الله رأسَه في حجره فلما أفاق من الغشية قال لابنه عبد الله ضع رأسي على الأرض كما أمرتك فقال له ابنه يا أبتي وهل الأرض وحجري إلا سواء قال ضع رأسي على الأرض كما أمرتك فوضعه.
قال فمسح خديه بالتـّراب ثم قال ويل لعمر ويل لعمر ويل لأمّ عمر إن لم يغفر الله لعمر فإذا قضيتُ فأسرعوا بي إلى حفرتي، فإنـما هو خيرٌ تقدمونني إليه أو شرٌ تضعونه عن رقابكم.
3: لمـّا احتضر سلمان الفارسي رضي الله عنه بكى فقيل له ما يبكيك؟
قال والله ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدّنيا ولكن عهدٌ عـَهـِدَه إلينا رسولُ الله صلـّى الله عليه وسلـّم قال ليكن بلاغ أحدكم من الدّنيا كزاد الرّاكب ،
فلمـّا مات نـُظر في جميع ما ترك فإذا قيمته ثلاثون درهما وقد كان أميرا على مدائن كسرى
4: وقال منصور دخلت على عطاء السلمي أعوده وهو مريض فرأيته يبتسم فعجبت من ذلك فكأنـّه فهم عني.
فقال أتعجب يا ابن أخي فقلت وكيف لا أعجب فقال وكيف لا أضحك وقد دنى فراقي ممن كنت أخافه وأحذره.
ودنى قدومي على خالقٍ كنت أرجوه وآمله ،
أتجعل مقامي مع مخلوقٍ أخافه كقدومي على خالقٍ أرجوه، قال هذا قبل أن يحضره وينزل به الموت.
5: لله درّ الشيرازي عندما قال كلمة رائعة ..
إذا سمعتم حيّ على الصلاة ؛ ولم تجدوني في الصّف الأول ؛ فإنـّما أنا في المقبرة .
6: كان أبو مسلم الخولاني رحمه الله تعالى حازماً مع نفسه أشدَّ الحزم ، قد علـّق سوطاً في بيته ..
ثمّ تأمـّلوا كيف يربـّي نفسه يا أصحاب الهمم ..
يخوّف بذلك نفسه ويقول لنفسه :
قومي .. قومي .. فوالله لأزحفنَّ بك زحفاً إلى الجنـّة ..
فوالله لأزحفنَّ بك زحفاً إلى الله حتـّى يكون الكلل منك لا منـّي ..
فإذا فتر وكلَّ َ وتعب تناول سوطه ؛ وضرب رجله ، ثم قال كلمات رائعات طيبات ، كلمات حريّ بكلّ صاحب همـّة أن يرددها ..
يقول : أيظن أصحابُ محمد صلـّى الله عليه وآله وسلـّم أن يستأثروا به دوننا ؟ كلا والله لنـزاحمنـّهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنـّهم خلَّفوا وراءهم رجالاً ..
7: عـُوتب عطاء السلمي في كثرة البكاء فقال: إنـّي إذا ذكرت أهلّ النـّار وما يُنزلُ بهم من عذاب الله تعالى مثلـّت نفسي بينهم فكيف لنفس تـُغلّ يدُها وتـُسحب إلى النـّار ولا تبكي.
8: كانت إحدى العابدات تقول: والله لقد سئمت الحياة َ حتـّى لو وجدتُ الموت يباع لاشتريتـُه شوقاً إلى الله وحباً للقائه فقيل لها: على ثقةٍ أنت من عملك قالت: لا والله لحبـّي إياه وحسن ظنـّي به أفتراه يعذبني وأنا أحبـّه .
9: قال أبو الفوارس الكرماني: من غضّ بصرّه عن المحارم وأمسك نفسه عن الشّهوات وعمـّر باطنه بدوام المراقبة وظاهره باتـّباع السنـّةِ وعوّد نفسه أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ( بإذن الله تعالى)
10: يروى أنّ ابن المنكدر رحمه الله عندما نزل به الموت بكى فقيل له ما يبكيك فقال والله ما أبكي لذنبٍ أعلم أني أتيته ولكني أخاف أن أكون قد أذنبت ذنبًا حسبته هينًا وهو عند الله عظيم.
11: روى ابن أبي الدنيا من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت عبد الله بن حنظلة يوما وهو على فراشه وعدته من علـّته فتلا رجل عنده هذه الآية: (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (الأعراف:41)
فبكى حتـّى ظننت أن نفسه ستخرج وقال صاروا بين أطباق النـّار ثمّ قام على رجليه فقال قائل يا أبا عبد الرحمن اقعد قال منعني القعود ذكر جهنـّم ولا أدري لعلـّي أحدهم.
12: قال ابن أبي ذئب حدثني من شـَهـِد عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة وقرأ عنده رجل (وإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً) (الفرقان:13)
فبكى عمر حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه فقام عن مجلسه ودخل بيته وتفرق الناس.
17: قال أبو نوح الأنصاري وقع حريق في بيت فيه عليّ بن
الحسين رضي الله عنه وهو ساجد فجعلوا ينادونه يا ابن رسول الله النـّار فما رفع رأسه حتى أطفئت فقيل ما الذي ألهاك عنها قال النـّار الأخرى.
فاسلك أخي الحبيب منهاج هؤلاء العقلاء، والتمس على آثار هؤلاء الفضلاء، وأدم حسرتك، وأطل زفرتك، وامزج بدم الفؤاد عبرتك، وصل البكاء بالبكاء، والأسى بالأسى.
وكن في الدنيا كأنـّك غريب أو عابر سبيل .
فعن ابن عمر قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم ببعض جسدي فقال : " كن في الدّنيا كأنـّك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك في أهل القبور( صحـّحه الألباني رحمه الله تعالى).
فيا أخي الحبيب الغالي هذه هي النـّار وهذا حال سلفنا الصالح إن قرؤوا أو سمعوا عنها وتفكـّروا وتدبـّروا وتذكـّروا ،
فما ننتظر جميعا كي إلى ربّنا نتوب وإلى خالقنا نؤوب .
ومن النـّار نفرّ ونهرب ، وإلى الجنـّة ورضوان الله نسعى ونتقرّب.
أما أتعبتك الذنوب ؟
ألستَ إلى القبر صائر ؟
ثمّ إلى الجنـّة أو النـّار المصير .
أين المفر ؟
أين المهرب ؟
ألم تستمع لنداء ربّك المجيب (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذريات:50)؟؟
أخي الحبيب أنت إن رأيتَ أسدا ماذا تفعل ؟؟
ألا تفرّ منه ؟!
فلله المثلى الأعلى المؤمن يفرّ من الله إليه وليس منه،
فلا مفرّ منه إلاّ إليه .
فلنفرّ إلى الله تعالى بترك الذنوب ، بترك السبّ والطعن واللعن والشـّتم .
واعلم أنّ عليك رقيب يحصي لك أعمالك وأقوالك وخطراتك ، فاحرص أخي الحبيب ألا تعمل عملا ما وأنت تخشى أن تلقى الله وأنت تعمله .
فهل تحبّ أن تلقى الله وأنت تطعن بالمسلمين ؟
أو تسبّ المؤمنين ؟
أو خصيما للمجاهدين والعلماء المخلصين؟
أخي الحبيب وقفة صادقة مع نفسك .
أخي الغالي الحبيب قف بين يدي الله تعالى في جوف الليل واسأله أن يلهمك رشدك .
اسأله التـّقى .
اسأله الإحسان .
اسأله المغفرة.
اسأله الصّلاح .
اسأله الرشاد.
بل اسأله الجهاد والاستشهاد عسى الله تعالى أن يمنّ عليّ وعليك به .
ولا تنسى الحصان الجامح من دعائك
وأختم بهذه النـّجوى
يا من يَرى ما في الضمير ويسمَعُ ... أنت المُعّدُّ لكلّ ما يـُتـوقـّعُ
يا من يُرجَّى للشدائِد كلَّها ... يا مَن إليه المُشتكَى والمَفزَعُ
يا من خزائنُ رِزْقه في قولِ كُن ... امنُنْ فإن الخيرَ عندك أجمعُ
ما لي سِوَى فقرِي إليك وسيلة ٌٌ ... فبالافتقارِ إليك فَقـْرِي أدفعُ
ما لي سوى قَرْعِي لبابِك حِيلة ٌ ... فلئنْ رَدَدْتَ فأيَّ بابٍ أقرعُ
ومَن الذي أدعُو وأهْتِف باسمه ... إن كان فَضـْـلـُُكَ عن فقيرٍ يُمنعُ
حاشا لجودك أن تـُقنـّط عاصياً ... الفَضْلُ أجزلُ والمَواهبُ أوسع
ثمّ الصّلاة على النبي وآله ... من جاء بالقرآن نوراً يسطعُ
وآخر دعوانا أن الحمد لله والصـّلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه ومن والاه.