ابو اسامه
05-16-2008, 04:04 PM
عندما نتحدث عن التواصل بين أفراد العائلة علينا دائماً ان نتذكر أنه عملية مستمرة على الدوام، وأنه بين أفراد غاية في القرب، مما يزيد من احتمال نشوب خلافات، وكذلك التعليقات الناقدة، التي هي إذا أصبحت هي الغالب تجعل روح الاحترام تقل بين أفراد الأسرة.
وهنا عندما نذكر التواصل الإيجابي، فالمقصود به ان تكون رسالة توحي بالاحترام للطرف الآخر، وفيها دفع له للأفضل بقدر المستطاع من خلال رفع الثقة بالنفس وزرع روح الشجاعة أو التفاؤل لديه، وهذا الأمر مهم جداً بالذات للأطفال الذين تتكون هويتهم من خلال الجو العائلي.
كما ان المقصود هنا ليس بالضرورة السكوت عن الأخطاء، وان كانت هذه القاعدة تعني تقليل البحث عن الأخطاء، ويمكن ذكر الأخطاء والتعامل معها لكن بحس إيجابي يجعل التوجيه بناء يدفع المخطئ إلى التصحيح والمحاولة مع وجود ثقة في النفس وتفاؤل، وعدم إغفال الخطأ والتنبه له.
وهذا النوع من التصل يؤدي إلى بقاء الاحترام بين أفراد العائلة سواء من يعطي الأمر أو يعلق على الفعل وأيضاً على المستقبل أو المستمع، لأن النفس البشرية لا تستطيع احترام من يؤذيها على الدوام ولا من يبحث عن أخطائها ويتجاهل إيجابياتها وإنجازاتها.. مثال:
الطفل: أريد أكلاً يا أمي..
1- الأم: أنت ما تشبع.. لقد أكلت قبل قليل (رسالة سلبية).
2- الأم: ما بالك؟ أتريد ان تستمر في الانتفاخ (رسالة سلبية).
3- الأم: ما فيه أكل.. بعدين.. بعدين (رسالة سلبية).
تعليق: من خلال هذا الرد يفهم الطفل أنه غير مهم وحاجاته غير مهمة وان أمه قاسية.
الإجابة الأفضل:
- الأم: انتظر يا ولدي وسيحين وقت العشاء (رسالة إيجابية).
- الأم: يمكنك أكل شيء مفيد، قبل ان يحين موعد العشاء (رسالة إيجابية)...
تعليق: من هذه العبارات يفهم الطفل ان:
1- حاجاته مهمة عند أمه.
2- ان من حقه التعبير عن حاجته.
3- أنه حتى لو لم يستجب لطلبه فإنه شخص يمكنه التعبير عن رأيه.
4- يفهم ان أمه تحترمه وهو سيحترمها نتيجة لذلك.
ومن المهم هنا الانتباه إلى ان التواصل الإيجابي هو إيجابي من حيث طريقته لكن يمكن ان يكون بالرفض أو عدم قبول الطلب.
ومن أهم العوائق دون التواصل الإيجابي بين أفراد العائلة هو اعتبارنا التصرفات الإيجابية أو الإنجازات أو النجاح أمراً اعتيادياً لا يحتاج أبناؤنا إلى مديحنا لهم أو بيان ادراكنا له، مع العلم ان كل سلوك جيد يحتاج إلى التعزيز والتشجيع وهذا من أهم الاحتياجات التربوية الأساسية لأطفالنا وهي أساس الجو التربوي الذي نصنعه داخل البيت وكذلك في المدرسة وأيضاً على مستوى المجتمع ككل.
ان الطفل والبيت الذي يتمتع بجو إيجابي فيه روح التشجيع والتفاؤل والتقدير يكونان (الطفل في شخصيته) (والبيت بهويته) في غاية الإنجاز والحفز الذاتي ولغيرهم من أفراد البيت الواحد.
طبعاً الشخص السلبي بطبيعته سيعترض باعتراضات كبيرة وفلسفية وتبدو معقولة ومنطقية، فهو سيقول: كيف أشجع إذا لم يكن هناك ما يمكن تشجيعه؟ وكيف أمدح وكل ما فعله طفلي لا يستحق المدح؟ سأكون حينئذ كاذباً أو منافقاً اضمر غير ما أقول، وستكون النتيجة ان ابني سيعتقد أنه ممتاز ويأخذ "مقلب" في نفسه، وربما ان ابني سيلاحظ مع الوقت أنني غير صادق وأنني كاذب وسيعود هذا عليه بالسلب.
ويمكن الجواب على هذا من عدة نواحٍ وبكل سهولة لكن المطلوب من الشخص السلبي ان يفتح ذهنه وان يحاول ان يتغلب على الروح التشاؤمية التي تسيطر عليه، وأما الرد على هذه العبارة فهو كالتالي:
1- لا يمكن لأي إنسان ان يكون دائماً سيئاً، بل يوجد تفاوت بين أفعاله بين حين وآخر، ولهذا مهما كان بالغ السوء إلاّ أنه سيوجد في أفعاله ما يمكن تشجيعه من خلاله. والمشكلة هي في عين المراقب إذا كان سلبياً أو متشائماً فإنه لن يلاحظ إلاّ الخطأ والنقص على حد قول الشاعر:
وعين الرضى عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المعايبا
2- عليك ان تعرف أننا يجب ان نحاسب الشخص من خلال أدائه وليس من خلال المثاليات، وهدفنا هو مساعدته على التحسن قياساً بأدائه الممكن وانطلاقاً من أدائه السابق، وليس غرضنا محاسبته بناء على المثاليات ودرجة الكمال التي يتعذر وصولها على الكثيرين وفي نفس الوقت يتحطم من يحاسب بناء عليها.
وهذه الفكرة صحيحة دائماً لكنها أكثر انطباقاً على الأطفال الذين هم في طور النمو أصلاً وقدراتهم تتطور ويصبحون اليوم أكثر قدرة على الاتقان والضبط من الأمس ولهذا يجب مساعدتهم على الاستمرار في التطور.
3- بالنسبة لإحساس الطفل أنك مجامل وغير صادق، فهذا شعور صحيح والأطفال والكبار يدركونه، لكن الحل ان يكون أحدنا قادراً على الانتباه للإيجابيات والتطور في السلوك والتركيز عليها في إحداث شعور بالقدرة على التحسن وتغيير الواقع للأفضل، إذا استطعت ذلك فإنك ستقدم رسالة إيجابية صادقة ليس فيها كذب ولا غش وسيشعر الطفل بصدقك وعدلك وأنك قادر على ان ترى إيجابياته وسلبياته.
4- من الطبيعي ان كل الأفراد في الأسرة يريدون ان يساعدوا الطفل أو الفرد في التطور والتحسن، والأبحاث تقول ان الطفل على المدى البعيد يستجيب بشكل جيد للتواصل الإيجابي، وبعدها يحاولون بل ويستطيعون الوصول إلى المتوقع منهم إذا كان منطقياً وممكناً، إذ الاندفاع والاصرار على التواصل السلبي لا يخدم الفكرة الأساسية في التربية.
5- أما فكرة ان الطفل سيتوقف عن المحاولة وتحسين سلوكه أو أدائه إذا تم مدحه وتشجيعه، فهي فكرة خاطئة جداً، لأن الواقع ان الطفل سيمكنه ان ينظر للمشكلة بنظرة اعتراف أكثر بالمشكلة وثقة أكبر أنه قادر على تجاوزها من خلال إنجازه الذي أشعره به الآخرون من خلال تشجيعهم له ومباركتهم محاولاته.
وقبل ان اختتم هذه القاعدة أؤكد على ان يكون التشجيع محدداً في شيء معين وليس عموميات، مثل مباركة تحسن درجة مادة محددة أو تصرف الطفل بشكل جيد عندما دخل في خصام مع طفل آخر.. أما المديح الشكلي مثل "يا حلوك".. "يا زينك".. أو الافراط في مديح البنات من حيث الشكل فهو لا يقدم أي رسالة تربوية تشجيعية بل يحرف مقياس الثقة بالنفس إلى أمور شكلية ليس لها أي مصداقية.. أما المدح والتشجيع والتواصل الإيجابي المركز على قضايا واضحة في ذهن الطفل فإن لها مردوداً إيجابياً من كل النواحي.
إذاً لكي يكون أبناؤنا ذوي ثقة كافية بأنفسهم علينا ان نكون ذوي رسالة إيجابية من خلال تواصلنا معهم.
د. عمر بن إبراهيم المديفر
استشاري طب نفس
الأطفال والمراهقين والعلاج الزوجي
وهنا عندما نذكر التواصل الإيجابي، فالمقصود به ان تكون رسالة توحي بالاحترام للطرف الآخر، وفيها دفع له للأفضل بقدر المستطاع من خلال رفع الثقة بالنفس وزرع روح الشجاعة أو التفاؤل لديه، وهذا الأمر مهم جداً بالذات للأطفال الذين تتكون هويتهم من خلال الجو العائلي.
كما ان المقصود هنا ليس بالضرورة السكوت عن الأخطاء، وان كانت هذه القاعدة تعني تقليل البحث عن الأخطاء، ويمكن ذكر الأخطاء والتعامل معها لكن بحس إيجابي يجعل التوجيه بناء يدفع المخطئ إلى التصحيح والمحاولة مع وجود ثقة في النفس وتفاؤل، وعدم إغفال الخطأ والتنبه له.
وهذا النوع من التصل يؤدي إلى بقاء الاحترام بين أفراد العائلة سواء من يعطي الأمر أو يعلق على الفعل وأيضاً على المستقبل أو المستمع، لأن النفس البشرية لا تستطيع احترام من يؤذيها على الدوام ولا من يبحث عن أخطائها ويتجاهل إيجابياتها وإنجازاتها.. مثال:
الطفل: أريد أكلاً يا أمي..
1- الأم: أنت ما تشبع.. لقد أكلت قبل قليل (رسالة سلبية).
2- الأم: ما بالك؟ أتريد ان تستمر في الانتفاخ (رسالة سلبية).
3- الأم: ما فيه أكل.. بعدين.. بعدين (رسالة سلبية).
تعليق: من خلال هذا الرد يفهم الطفل أنه غير مهم وحاجاته غير مهمة وان أمه قاسية.
الإجابة الأفضل:
- الأم: انتظر يا ولدي وسيحين وقت العشاء (رسالة إيجابية).
- الأم: يمكنك أكل شيء مفيد، قبل ان يحين موعد العشاء (رسالة إيجابية)...
تعليق: من هذه العبارات يفهم الطفل ان:
1- حاجاته مهمة عند أمه.
2- ان من حقه التعبير عن حاجته.
3- أنه حتى لو لم يستجب لطلبه فإنه شخص يمكنه التعبير عن رأيه.
4- يفهم ان أمه تحترمه وهو سيحترمها نتيجة لذلك.
ومن المهم هنا الانتباه إلى ان التواصل الإيجابي هو إيجابي من حيث طريقته لكن يمكن ان يكون بالرفض أو عدم قبول الطلب.
ومن أهم العوائق دون التواصل الإيجابي بين أفراد العائلة هو اعتبارنا التصرفات الإيجابية أو الإنجازات أو النجاح أمراً اعتيادياً لا يحتاج أبناؤنا إلى مديحنا لهم أو بيان ادراكنا له، مع العلم ان كل سلوك جيد يحتاج إلى التعزيز والتشجيع وهذا من أهم الاحتياجات التربوية الأساسية لأطفالنا وهي أساس الجو التربوي الذي نصنعه داخل البيت وكذلك في المدرسة وأيضاً على مستوى المجتمع ككل.
ان الطفل والبيت الذي يتمتع بجو إيجابي فيه روح التشجيع والتفاؤل والتقدير يكونان (الطفل في شخصيته) (والبيت بهويته) في غاية الإنجاز والحفز الذاتي ولغيرهم من أفراد البيت الواحد.
طبعاً الشخص السلبي بطبيعته سيعترض باعتراضات كبيرة وفلسفية وتبدو معقولة ومنطقية، فهو سيقول: كيف أشجع إذا لم يكن هناك ما يمكن تشجيعه؟ وكيف أمدح وكل ما فعله طفلي لا يستحق المدح؟ سأكون حينئذ كاذباً أو منافقاً اضمر غير ما أقول، وستكون النتيجة ان ابني سيعتقد أنه ممتاز ويأخذ "مقلب" في نفسه، وربما ان ابني سيلاحظ مع الوقت أنني غير صادق وأنني كاذب وسيعود هذا عليه بالسلب.
ويمكن الجواب على هذا من عدة نواحٍ وبكل سهولة لكن المطلوب من الشخص السلبي ان يفتح ذهنه وان يحاول ان يتغلب على الروح التشاؤمية التي تسيطر عليه، وأما الرد على هذه العبارة فهو كالتالي:
1- لا يمكن لأي إنسان ان يكون دائماً سيئاً، بل يوجد تفاوت بين أفعاله بين حين وآخر، ولهذا مهما كان بالغ السوء إلاّ أنه سيوجد في أفعاله ما يمكن تشجيعه من خلاله. والمشكلة هي في عين المراقب إذا كان سلبياً أو متشائماً فإنه لن يلاحظ إلاّ الخطأ والنقص على حد قول الشاعر:
وعين الرضى عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المعايبا
2- عليك ان تعرف أننا يجب ان نحاسب الشخص من خلال أدائه وليس من خلال المثاليات، وهدفنا هو مساعدته على التحسن قياساً بأدائه الممكن وانطلاقاً من أدائه السابق، وليس غرضنا محاسبته بناء على المثاليات ودرجة الكمال التي يتعذر وصولها على الكثيرين وفي نفس الوقت يتحطم من يحاسب بناء عليها.
وهذه الفكرة صحيحة دائماً لكنها أكثر انطباقاً على الأطفال الذين هم في طور النمو أصلاً وقدراتهم تتطور ويصبحون اليوم أكثر قدرة على الاتقان والضبط من الأمس ولهذا يجب مساعدتهم على الاستمرار في التطور.
3- بالنسبة لإحساس الطفل أنك مجامل وغير صادق، فهذا شعور صحيح والأطفال والكبار يدركونه، لكن الحل ان يكون أحدنا قادراً على الانتباه للإيجابيات والتطور في السلوك والتركيز عليها في إحداث شعور بالقدرة على التحسن وتغيير الواقع للأفضل، إذا استطعت ذلك فإنك ستقدم رسالة إيجابية صادقة ليس فيها كذب ولا غش وسيشعر الطفل بصدقك وعدلك وأنك قادر على ان ترى إيجابياته وسلبياته.
4- من الطبيعي ان كل الأفراد في الأسرة يريدون ان يساعدوا الطفل أو الفرد في التطور والتحسن، والأبحاث تقول ان الطفل على المدى البعيد يستجيب بشكل جيد للتواصل الإيجابي، وبعدها يحاولون بل ويستطيعون الوصول إلى المتوقع منهم إذا كان منطقياً وممكناً، إذ الاندفاع والاصرار على التواصل السلبي لا يخدم الفكرة الأساسية في التربية.
5- أما فكرة ان الطفل سيتوقف عن المحاولة وتحسين سلوكه أو أدائه إذا تم مدحه وتشجيعه، فهي فكرة خاطئة جداً، لأن الواقع ان الطفل سيمكنه ان ينظر للمشكلة بنظرة اعتراف أكثر بالمشكلة وثقة أكبر أنه قادر على تجاوزها من خلال إنجازه الذي أشعره به الآخرون من خلال تشجيعهم له ومباركتهم محاولاته.
وقبل ان اختتم هذه القاعدة أؤكد على ان يكون التشجيع محدداً في شيء معين وليس عموميات، مثل مباركة تحسن درجة مادة محددة أو تصرف الطفل بشكل جيد عندما دخل في خصام مع طفل آخر.. أما المديح الشكلي مثل "يا حلوك".. "يا زينك".. أو الافراط في مديح البنات من حيث الشكل فهو لا يقدم أي رسالة تربوية تشجيعية بل يحرف مقياس الثقة بالنفس إلى أمور شكلية ليس لها أي مصداقية.. أما المدح والتشجيع والتواصل الإيجابي المركز على قضايا واضحة في ذهن الطفل فإن لها مردوداً إيجابياً من كل النواحي.
إذاً لكي يكون أبناؤنا ذوي ثقة كافية بأنفسهم علينا ان نكون ذوي رسالة إيجابية من خلال تواصلنا معهم.
د. عمر بن إبراهيم المديفر
استشاري طب نفس
الأطفال والمراهقين والعلاج الزوجي