العدل: إن من أهم القيم التي يتضمنها ديننا الحنيف، قيمة العدل، العدل في كل شيء، في القول والفعل والحكم والتربية، لذا من المهم أن يتجنب المربون التفرقة بين الأطفال بسبب جنسهم، كما نرى من تفضيل الذكر على الأنثى في التعامل أو العطية، أو حتى بين الأبناء من الجنس الواحد، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: (سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله ثم بدا له فوهبها لي فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي وأنا غلام فأتى بي النبي صلى الله عليه و سلم فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا قال: (ألك ولد سواه؟)، قال: نعم قال: فأراه قال: (لا تشهدني شهادة جور). وقال أبو حريز عن الشعبي: (لا أشهد على جور)، وقد جاء الأمر صريحًا في العدل بين الأولاد في العطيات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: (اعدلوا بين أولادكم، اعدلوا بين أبنائكم).
إ هذا العدل حري به أن يرسخ الأمان بين الأطفال، ويغذي مشاعر الحب في الأطفال تجاه الوالدين والمربين.
فن حل المشكلات: لابد أن يكون المربي مهارًا في حل المشكلات التي تعرض له، فما من بيت يخلو من المشكلات، وتبقى سلامة البيوت وصحتها متوقفة على مهارة الوالدين في حل هذه المشكلات وتسويتها، فعندما يختصم الأطفال ويذهبوا للأب مثلًا،لا ينبغي للوالد أن يبادر للصياح والشدة على الولدين من أول وهلة لرغبته في حل الإشكال سريعًا وتسكين الأصوات، بل لابد أن يسمع لشكوى كل منهما على حدة، ثم يزجر المخطئ منهما على فعلته بحق أخيه ولكن بأسلوب تربوي رقيق، ثم يرقق قلب أخيه عليه بالكلمات الطيبة وأن هذا لا يصح في حق أخيه وأنه عيب أن يتشاجرا وهما ليسا بالأعداء بل هم إخوة وأصدقاء في نفس الوقت، ولا يدعهما حتى يتصالحا.
(أما إذا تطور الأمر للتشابك بالأيدي، فلابد من السرعة في فض الاشتباك أولًا ثم التصرف حسب حالة الموقف، ومراعاة الوالد أثناء حله للمشكلة ألا يتحيز لأحد الطرفين على الآخر فإن هذا مما يترسب في نفس الطفل في تلك المرحلة العمرية، وربما ظن معه أن أباه يظلمه، وينصر أخاه عليه بالباطل) [نحو تربية إسلامية راشدة، محمد بن شاكر الشريف].
اللغة المستخدمة: وهنا نقصد بها الألفاظ التي يستخدمها المربي مع أبنائه، فلابد أن تكون ألفاظ حسنة وأن ينتقي لهم أطايب الكلام كما تُنتقى أطايب الثمر، فيشبوا على ذلك، ويقتدوا به في ذلك، ولا (ينبغي على المربي تلقيب الأطفال بالألقاب القبيحة أو استخدام ألفاظ اللعن أو الدعاء عليه كما يفعل معظم المربين، أو تلقيبه بأسماء بعض الحيوانات أو السخرية منه بنعته، فإن هذا مما تنكسر معه نفس الطفل وكذلك قد يعتاد مثل هذه الألفاظ ويستخدمها مع إخوته ومع من يتعامل معهم، وخير منه بدلًا من سبه الدعاء له بالصلاح والهداية، يقول له: أصلحك الله أو هداك الله حتى يعتادها، عن أم الفضل رضي الله عنها:
"رأيت كأن في بيتي طبقا [أي: عضوًا من الأعضاء] من رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزعت من ذلك فقال: خير إن شاء الله تلد فاطمة غلاما تكفلينه بلبن ابنك قثم قالت: فولدت حسنا فأعطتنيه فأرضعته ثم جئت به فأجلسته في حجره فبال عليه فضربت بين كتفيه فقال: ارفقي أصلحك الله أو رحمك الله أوجعتِ ابني قالت: فقلت: اخلع إزارك والبس غيره حتى أغسله قال: إنما يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام".
كما ينبغي التنبيه على الطفل بمناداة من هم أكبر منه سنًا بألقاب فيها توقير: كالشيخ والعم والأستاذ وما شابه، وعدم مناداتهم بأسمائهم مجردة، وهو واجب المربي تنبيهه على ذلك [نحو تربية إسلامية راشدة، محمد بن شاكر الشريف].
تهذيب الأخلاق: من المهم أن يحرص المربي على تهذيب أخلاق طفله دائمًا، وأن يتخلص من السلوكيات الغير مرغوب فيها حال ظهورها، ولا يتركها للزمن أو للوقت حتى يتغير؛ فهذا من شأنه أن يرسخها في نفس الطفل ويجعلها أكثر ثبوتًا، وربما يصعب بعد ذلك تهذيبها؛ لذلك على المربي أن يهذب الأخلاق ويعمل على التخلص من السلوكيات غير المرغوب فيها بعد أن يوضح للطفل سبب ذلك.
يقول ابن القيم رحمه الله: (ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضب ولجاج وعجلة وخفة مع هواه وطيش وحدة وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولابد يوما ما ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها) [تحفة المودود في أحكام المولود، ص240-241].
الانتباه لصحة الطفل ونظافته وهيئته: (الأطفال في هذه السن الصغيرة عرضة للأمراض أكثر من غيرهم، وهم لا يدركون ذلك، لذا فالواجب على المربي والأم خاصة ملاحظة حالة طفلها، وأن تتفقدهم وتتحسسهم، كما تعتني بهيئتهم ونظافتهم، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أجسام أبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه نحيفة نحيلة، فقَالَ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: مَا شَأْنُ أَجْسَامِ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً [ضارعة أي نحيلة ضاوية نحيفة] أَتُصِيبُهُمْ حَاجَةٌ قَالَتْ: لَا وَلَكِنْ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ الْعَيْنُ أَفَنَرْقِيهِمْ قَالَ: وَبِمَاذَا فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: ارْقِيهِمْ"، كما ينبغي الاهتمام بمظهر الطفل، وتزيين شعره مع الابتعاد عن حلاقة شعر الطفل بما نهى عنه الشرع مثل حلاقة القزع التي يقع بها معظم المربين في أيامنا هذه.
وهي حلاقة بعض شعر الرأس دون بعض، فعن عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ قَالَ: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِىِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ"، وعلى الإجمال فإنه لابد للمربي من إظهار طفله في أحسن صورة أمام الناس، فحسن المنظر والهيئة يترسب في نفس الطفل بعد ذلك، فيحرص هو نفسه على الاهتمام بمظهره من غير إسراف ولا مخيلة) [تحفة المودود في أحكام المولود، ص240-241].