مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الأشياء الكثيرة التي أردتها بصدق ولم أحصل عليها كعقد رأيته في متجرٍ ما وهالني ثمنه، أو طبق فاخر منّيت نفسي بأكله، أو حتى بزهرة حسناء أحبه ا ولم أبتعها لعلو ثمنها!
جميعنا يشعر بشيء من الحسرة عندما يذكر سلعة أرادها ولم يتمكن من اقتنائها لعلو ثمنها، في الحقيقة هي فكرة واحدة تجعلني أرضى عن نفسي وهي: ماذا لو اقتنيت هذه فعلًا هل ستساوي فرحتي بها هذه الرغبة العارمة في اشترائها؟ أم أن السلع لها وهجها الساحر وهي مصطفة على أرفف المتاجر تنادي من يشتريها؟
وكلما وجدتني أمام سلعة ما أريد بشكل فظيع أن أقتنيها أحاول أن أستغرق في فرضيتي هذه وأتخيل بشكل جدي أنها أصبحت لي وأني اقتنيتها وابتسمت للحظات أمام المرآة حينها كم سيخبو وهجها في داخلي وأجدني أراها بشكلها الحقيقي كما لو كنت قد استطعت أن أنتزع عن وجهها ذلك القناع البرّاق الذي يخطف ما في المحافظ من أموال لم نُرزقها لأجل أن نغذي هذه الشهوة في نفوسنا!
فكرة تصور "ماذا بعد الاشتراء؟" هذه تجعلني أضحك من الداخل كل مرة على هذه الرغبة العارمة في حيازة شيء حقير جدا، فرحة الاقتناء تفنى عند آخر فلس تدفعه، ولا نخفي حقيقة أن وهج السلعة يختفي لمجرد خروجنا من السوق!
أنا لا أقول توقفوا عن الشراء والزموا البيوت وإنما كان قولي متوجهًا لهذا القلب حافظ على ألا يُصاب بحب المادة لأنه إن حدث وكان فستكتشف مؤخرًا وبعد فوات الأوان بأنك سحقت روحك تحت حب السلعة وروّجت لكبار الشركات لتُصنّف قيمتك بارتدائهن وسُحقت تحت هذا تلك القيم التي شيدتها قديمًا في نفسك والمبادئ التي ارتكزت عليها في حياتك وستدرك مؤخرًا أنك أصبحت مهوسًا بالمظهر وفقدت بذلك جوهر المخبر.
والذي أجزم به أن أسوأ الناس عبادةً عبّاد الدرهم والدينار فعن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ ، وَإِنْ مُنِعَ سَخِطَ ) أولئك الذين ربّوا أنفسهم على "المادية" وظلموا أنفسهم بهذا؛ لأن تلك الرغبة في حب الامتلاك إن غذيناها فلن تتضاءل كما نعتقد بل ستكبر ويتضخم حجمها حتى نشعر وكأننا لن نعيش دون أن "نتسوق" ونقتني ما رغبت له نفوسنا!
وإني أجد هذا واضحًا في مجتمعنا الذي وصل به حب المادة إلى اقتراض المال لتسافر العائلة إلى المكان الفلاني، أو لإقامة حفل زواج كبير، ونحوها مما يجعل العائلات تضغط على دخلها المادي لتنافس غيرها ولـ"تظهر بمظهر يليق بها أمام أقاربها" وهل كانت المادة يومًا مقياسًا شريفًا يقاس به الناس ويتخذون مراكز شرف وأخرى عار كلّ حسب ما يدفع؟
والأدهى من كل هذا تسرّب المادية لتكون ايديولوجية متّبعة يسير عليها أبناؤنا الصغار ألا تصرخ الفتاة ذات الأربع عشرة ربيعًا أمام والديها ليصطحبوها لذلك المطعم الفلاني أو ذلك المقهى المعروف لتصور به "سناب" إذ أن كل صديقاتها ذهبوا إلى هناك مرات عديدة ويحتقرونها لكونها لم تذهب حتى الآن لتلتقط هناك صورة أو ماشابه؟!
وحين تحاول أنت مناقشتها في هذا تخبرك بالقاصمة بأنها مضطرة حتى لا تفقد مكانتها بين صديقاتها!
أين القيم التي ربّينا عليها أبناءنا؟
نحن نجعل من هذا الزمن أصعب زمن لتربية الأبناء على القيم الثابتة وحسن الخلق! فحينما نغوص نحن الكبار في الاهتمام بالمظاهر كيف سننجح في توجيه أبنائنا على أن الأهم دائمًا هو المخبر ثم يليه المظهر، وأن المادة هي وسيلة وليست غاية، وأن ما بيدنا أرفع قيمة عندنا من ذلك الذي في حوزة الآخرين؟
وإني اعتنقت فكرتي تلك لأني أؤمن بأن الأفكار هي لب التغيير، وأن القناعة هي المسئولة الأولى عن السعادة وليس للمادة أي يدٍ في ذلك!
بقلم / آسية ناصر
٦ذو القعدة ١٤٣٨ هـ
[YOUTUBE]gE8IUhbNAAU[/YOUTUBE]*لاخصوصية وسرية في برنامج السناب شات*
[youtube]b-3XkyblRK0[/youtube]