مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر
*رحلتــــــي مع الجاثــــــوم (11)*
حلقـ(11)ـةزائِـــــرُ اللّيْـــــل
يوم الأربعاء
حصلت فيه ثلاث أحداث
الحدث الأول
في المدرسة>>
ذهبتُ للمدرسة هذا الصباح بنفسية سيئة جدا ، وماذا يُتوقع ممن نامت ساعة ونصف فقط ، بل وبعد رعب وخوف ! ، لا نوم كافٍ ، ولا نفسية جيدة ، كنتُ متشائمة فوق هذا بأن الامتحان سيكون سيئا جدا مع الحالة النفسية المتدهورة التي كنتُ فيها ، فوق أني لم أُنهِ باقي الوريقات ، ولم أفتحها من قبل أصلا ، وحفظي كان ركيكا ، لم أكن متعودة البتة أن وريقات كتابي لا تنفتح إلا يوم الامتحان .عدا إحساسي بدوران كل ما حولي من قلّ النوم ، وربما مما حصل لي بالأمس ودوران الجدران بي وطيراني ذاك الغريب . كنتُ منهكة منهكة للغاية ، ومدمرة نفسيًّا ، تمنيت أن لا أذهب ذاك اليوم للمدرسة ، ولكن مالفائدة في بقائي بين الرعب وجدران تلك الغرفة وحدي !! ، سيزيد الطين بلة !! ، ولم أكن أجرؤ على هذا خوفًا أن أُعاقب ولا يُعاد لي الامتحان .
في الفسحة كنتُ أنا وهي في نفس المكان ، قرب المعمل ، بعيدًا عن الأعين والأذان ، لم تكن بي رغبة ولا قدر أنملة لأكمل باقي وريقات مافاتني من الامتحان ، وقصصت على زميلتي الذي صار ، وطيراني في الغرفة ، وضربي بعدها في كل مكان بطرحتي ، كانت تلومني بشدة لأني لم أذكر الله ، أو أستعيذ ،أو أقرأ قرآن ، وعادت عليّ بضرورة أن المسلم لابد يكون في صدره شيء من قرآن يحرّك به لسانه ، أو يتعود على الذكر والدعاء ، وكانت مستغربة جدا من هذا الشيء ، ولم تجرؤ على تفسيره سوى أن هذا غريب ولا يندفع إلا بقراءة القرآن والأذكار كائنا ماكان هو ، وتذكرت حين رنّ جرس الفسحة أني قد كتبت الرسالة ، فأخبرتها لتتذكر وتأخذها خفتْ أن أنسى أعطيها إياها مع الحالة التي كنتُ فيها .
وقت الامتحان كان في الحصة السابعة ، ماذا تتوقع حالي بعد مرور ست حصص !! ، لم يبقَ لي من ذهني الكثير ، كنت ُ أشعر بالورقة تدور والخط غير واضح ، ونسيت حتى الأشياء البسيطة السهلة ، كان الامتحان سهلا ، ولكن نفسيتي المتعبة ، ونومي القليل ، جعلتني أختزل الكلام لينتهي هذا الكابوس سريعا ، أود أن أغمض عيني لأجد نفسي في البيت وعلى فراشي ، مشي الحال ولم أهتم خبصت أو جبت العيد على قولتهم ، ما كنتُ فيه جعلني لا أهتم ، فلينحرق كل الامتحان ، لم يعد يهمني شيء مع إحساسي أن الأرض تدور بي ولم أعد أرى جيدا وصورة الفصل فيها شيء من ضباب خفيف .
الحمد لله سلموا البنات الورق سريعا ، وخرجت المعلمة قبل انتهاء الحصة ، تنفست الصعداء وفرحت ، لملمت أوراقي وأشيائي في حقيبتي ، وقبل أن أخرج من الفصل ، أومأت لزميلتي بعيني ووضعت الحقيبة بيننا ، فهمتْ سريعا ، وأول مارأت يدي تخرج من الحقيبة سحبتْ الرسالة ودسّتها في مقلميتها ورمتها داخل حقيبتها ، كنتُ منفعلة ومستعجلة في معرفة ردّ الشيخ على رسالتي ، طلبتُ منها أن تتصل عليّ أول ما يردّ الشيخ ، لا تهتم بالوقت ليلا أو نهارا ، وتنقل لي شفهيًّا كل ما سيقوله أو يكتبه ، وانفصلنا على هذا الاتفاق .الحدث الثاني
اتّصالٌ هاتِفِيّ
عدتُ للمنزل منهكة جدا ، أول ماصليت الظهر ألقيت نفسي على فراشي دون أن أبحث بحال أي شيء في البيت ، لا أخوتي ، ولا والدي ، ولم أكن لأنتبه لأي شيء ، نمت نومًا مُنهكًا مُتعبًا ، الحمد لله ماجات ولا وحدة من خواتي على الغدا ، او ماصحوني على الغدا لما شافوني نايمة ، لا أدري .
سبق وأخبرتكم يوم الأربعاء هو يوم اجتماع العائلة ، يمكن أحد من أخواتي جاء وأنا نايمة ولا قمت ، ويمكن حاولوا يقوموني ولا حسيت بهم فتركوني ، ذاك اليوم كأنه ممحي من ذاكرتي ، لا أتذكر منه شيء ، وذاك الدوران الغريب في رأسي ، والشعور بالجدران تتحرّك ، وقلّ النوم ، وماصار بالأمس ، ومازل إحساسي برجفة وخفوق القلب من الارتفاع الحاصل بالأمس ، سواء كان حقيقة أو خيال أو حلم ، كان هناك شعور باضطراب الارتفاع ما يزال معي .
في المساء كانت أخواتي مجتمعات ، صحوت وكلهنّ بالبيت ، كانت السوالف تدور بينهم والضحك ، سلمت عليهم سريعا ، وذهبت لأصلي مافاتني من صلاة ، بعد الصلاة جلست بينهم أشرب الشاي ، وأحاول أتلهى بأحاديثهم ، كان استيعابي ضعيفا والشرود يأخذني بعيدًا عن كلامهم وأحاديثهم وضحكهم .
لا اتذكر شيء من حديثهم ، والظاهر أنهم لم ينتبهوا لحالي ، كانوا مشغولين بشيء ، كنت أشعر فيه خصام ، أو مشكلة ، ولكني لم أفهم شيء مما يدور حولي ، أسمع علو صوتهم ياتي من بعيييد ، كنت معهم بالجسم لا بالروح ، كان عدم انتبهاهم لحالي أكبر سبب في الاحتفاظ بأمري سرا ، وإلا لو شكّتني إحداهن بسؤال لانكشفت سريعا ، [ وهكذا غالب أخطاء البيوت في عدم الانتباه لتغير البنت ، وربما يُعذرون أخواتي ولكن مؤكد لن تُعذر أمّ لا تنتبه لتغير حال بنتها وشرودها وعدم مشاركتها من حولها في الحديث والضحك ] .
يبعد بي خيالي عنهم ، ويرسم لي عالمًا آخر ، بعيدا عن جدران هذا المكان ، وبعيدًا عن أحاديث هؤلاء النسوة من الإنس الحبيبات إلى قلبي ، وتنعاد الصورة من البداية ، وكلما انتهت بدأت من جديد في حلقة مفرغة لا بداية لها ولا نهاية ولا حل وفهم ، سوى أنه يصنع في ذهنك علامة استفهام كبيرة مع رعب وخوف .
غير مصدقة للآن ماصار ؟ ، لا يستوعب عقلي الصغير وفهمي الضعيف تحليلا لما صار بالأمس .
هل طرت بالأمس في الغرفة ؟ هل كنتُ فعلا أطير ؟! هل يمكن لهذا الشيء أن يحملني ويطير بي في الغرفة بتلك الطريقة ؟! ، كمن يحمل طفلا صغيرا يدخل يديه من الخلف تحت يدي الطفل ويدور به بسرعة ليدوخ بعدها هذا الطفل وهو يضحك ؟! .
تذكرت صورة المارد الذي يركب على ظهره أحد الإنس فيطير به من بلاد لأخرى في أفلام الكرتون ، ربما في ذاك الوقت لم أكن أعرف أن الجن يستطيعون نقل الإنسي من مكان لآخر والطيران به ، ولكن يقف حائلا تفسيرا آخر أسهل وأقرب ، أن كل ذاك مجرد حلم ؟! .
نعم هذا أسهل تفسيرا ، ففي الحلم تستطيع أن تطير في السماء ، وتستطيع أن تغوص داخل المحيطات ، وتتعارك مع الأسود والديناصورات ، فهو حلم لا حقيقة ! ، وحتى لو قلته للناس سيصدقونك ، ويقولون هو حلم ، فقط صورة تُدار في الذهن ، مثل خدع السينما ، بينما أنت على قراشك تتدفأ بغطاك وتبتسم الابتسامة على شفتيك لروعة هذا الحلم والإثارة فيه .
رفعتُ كوب الشاي أحتسي رشفة منه وسط صخب أبناء اخواتي الصغار ، وهم يلعبون ويتضاربون ، الحمد لله وجود هذا العدد حولي يريحني ، كنّا مجتمعين ذاك الوقت في غرفة نومنا نحن البنات ، لأن الجو بارد ، وكانت هي أدفأ غرفة في البيت ، وكنتُ على طرف المجموعة بين أخواتي كلهم .
نظرت لجدران الغرفة ، وطيران الأمس يعود لي ، رأيت أني علّقت عباءتي في نفس مكانها بالأمس ، عادت بي الذاكرة ويداي تحاول التشبت بشيء ، بالجدار ، أو عباتي ، أو الستارة ؟ ، هل هذا كان حقيقة ؟ ، لنفرض أنه كان كذلك ! ، وأنا كنت مغيبة عن الرؤية كمن وضع حائلا على عيني يمنعني من الرؤية ، ولكن هل حصل ؟ هذا السؤال الذي لن اجد له جوابا طيلة حياتي .
لو كنت أعرف شخصا مستيقظًا وقتها لسألته ، ولأخذت بقوله ، وحسمت المسألة مهما قال لي .
تلك الأيام لم أكن مؤهلة ، لا في العمر ، ولا في العقل ، ولا في العلم ، ولا في النفسية ، لأفكر في المسألة بصورة واضحة المعالم ، لكني الآن غير ، فمسألة طيراني في الغرفة ومعرفتي للجدران حولي وماتحتي وفوقي شيء عجيب ، وأيضا كون جسمي يُرفع وأطير في الغرفة والصوت كان عالٍ ، ولا يصحو أحد مع هذه الحركة دلالة أنها لم تحصل بالأصل ! .
أتعجّب ، كيف تسلطّ عليّ ورفع جسمي وجعلني أشعر فعلا أني في أعلى الغرفة لدرجة أن قلبي يخفق بشدة وصدري يعلو وينخفض خوفًا أن أسقط ، شعور حقيقي يصاحبني مع التذكر أيضا .
قد يكون حلما ولم يحدث شيء .
وقد يكون حدث فعلا .
ولكن يبقى السؤال ..
س/ لو حصل وطرت فعلا ؟!
هل كان بالجسم أم بالروح ؟!
<<< بدأ التخريف !!
هل تعرفون لما أفكر بهذا ؟!
بسبب آية النوم .
يقول جلّ في علاه ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الزمر : 42] والذي فهمته من كلام ابن القيم ان الروح تنفصل عن الجسد في حالِ النوم ، ولا أعرف كنه هذا الانفصال ولكن الأكيد أننا نحن الإنس لا نراه للنائم بجانبنا ، ولكن هل الجني أيضا لا يراه ؟!
وأيضا حين تنفصل الروح عن الجسد وتبقى الروح بلا جسد ويريد الشيطان إيذا الإنسيّ ، فهل يتوجه للجسد أم للروح ؟!
في ظني هو يؤذي الروح ، ولكن كيف يصل لهذا وهو مسلط على الجسد لا الروح ؟!
بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يجري من ابن آدم مجرى الدم .
ربما بسبب أن الانفصال غير كلي بين الجسد والروح فيبقى له شيء من سلطة على الروح وقت النوم ؟!
وربما يجعلني أشك بهذا كون العراك غير مفهوم ، لا يد ، ولا رجل ، ولا شيء ماديّ محسوس فيه ، ولكن كل هذا لا دليل عليه البتة ، ويبقى الأمر بين كونه حلم وهذيان وبين ماقلت ، ولن يحسم المسألة إلا أمر مثبّت بالدليل والنظر والحسّ والعقل مع موافقة الشرع أو على أقل تقدير أن لا يضادّ الشرع .
قد يكون مجرد حلم كما قلتُ سابقا وقد يكون حقيقة ، فإن كان مجرد حلم ولكن يميزّهُ أنه كان موافقا لأحداثيات الغرفة وجدرانها ، وإن كان ناتجًا من تسلط الجنيّ على الروح حين مفارقتها للنوم ، لا أدري ماهو تفسير الآية اليقيني في ان الروح تنفصل عن الجسد حال النوم ، فهل هذا الجنيّ يتسلط على الأرواح وقت انفصالها عن الجسد ؟! ، في هذه اللحظة يهجم على الروح فتكون تلك الروح التي خرجت هي التي يصيبها الرعب ، بينما الجسم في مكانه مسجىً على الفراش !!
هل انفصال الروح عن الجسد وقت النوم هو الوقت المناسب للجاثوم ليُحكم سيطرته على الإنسيّ ؟!وهذا هو السبب الذي يجعله يترقب وينتظر ويبدأ سريعا أول مايدخل الجسد في النوم ويبدأ انفصال الروح ليهجم على الإنسيّ ؟!نسيت وأخذتكم بعيدا أعود للحدث مرة أخرى ، اليوم اجتماع أخواتي ، وأنا بينهم الآن أحتسي الشاي ، كنت وسطهم ولا أشعر بهم ، ولا يفيقني من شرودي إلا لو ناداني أحد أجيب شيء ولا أودي شي ، على حافة الانهيار والذهن يسبح بعيدا وبسرعة يفكّر ويحلل .
لم ينتبه لي أحد ، وهذا جعل الأمر يمرّ بسلام إلى أن غادروا البيت في الليل .
كانوا يلبسون عباءاتهم ، ويخرجون واحدة تلو الأخرى ، حاملين معهم الأمن والأمان والأنس والراحة ، وسيارات أزواجهم تنتظر أسفل المنزل ، وأصوات البواري يعلو مع تأخيرهنّ .
كنتُ أتمنى أن يخرجن بسرعة من ضيقي وتعبي ورغبتي في النوم ، وفي نفس الوقت تمنيت أن يبقون ، لا أريد أن أبقى وحدي مع هذا الـ ....... !
خرج الجميع ، وسكن البيت عن الحركة بعد الضوضاء والصخب ، سكن كل شيء فجأة ، وظلام الليل أرخى سدوله على الحارة وعلى الشارع وعلى البيت وعلى داخلي .
ضيقٌ يملأ صدري ، ويزداد ويزداد ، ورغم حاجتي الشديدة للنوم إلا أني لم أرغب بالنوم ، تمنيت أن لم يكن هناك شيء اسمه نوم ، كان بي شيء من ندم ان لم أفتح فمي بكلمة لهم ، لكن لم أستطع أن أفتح فمي ، شعرت أني قد سرت مسافة كبيرة مع هذا الشيء ، ويحتاج تمهيد كثير قبل أن تصل لهم الفكرة .12:00 ليلا
هدوءٌ وسكووون في البيت ، كان والدي قد نام من قبل أن تخرج أخواتي ، وأخي لا أذكر هل هو نايم أم لم يأتِ بعد ، فتلك الأيام طلعت عليه طلعات أن يسهر خارج المنزل ، وأخي الكبير عاد ونائم في غرفته ، وأما الصغار فقد ارتموا على فرشهم من بدري وناموا .
كان على الطاولة بقايا فناجين الشاي ، جمعتها على الطاولة ، ولم اجرؤ الذهاب في هذه اللحظة لأضعهم في المطبخ ، لا يهم ، يبقون في مكانهم إلى الصباح ، هذا أهون ألف مرة من قطع المسافة لشق البيت الجديد حيث المطبخ .
وقفت وسط غرفة نومنا ، أقلب أنظاري في الصغار ، بدأت أغطي المتكشف منهم ، ضيق شديد في صدري ، ورغبة بالبكاء ، شيء كاتم على الصدر ، أريد أن أفضفض ولو للجدار ، أريد أن تخرج هذه الكتمة التي تسد عليّ الهواء ، لو تحدثت فقط سأرتاح ولو لم تُحلّ المشكلة .
فرشت فراشي وجلست عليه ، أقلب أنظاري في الغرفة وفي جدرانها ، سحبت الطرحة ووضعتها بجانبي ، تحسبًا لأي شيء سيصير ( غباء ) ، وحرصت أن تبقى اللمبة شغالة ، لن أخطأ خطأ الأمس ، مع أني لا أدري كيف انطفأت ، ولكن لعلي انا التي أغلقتها ؟! .
كانت الساعة تُقارب الـ 12:00 ليلا ، وإذا بالهاتف يرن ؟! ,
نطيت بسرعة للهاتف فرحة أني سأسمع صوتًا الآن ، الحمد لله .
كانت أختي الكبيرة وتسألني : نمتم ولا لسا ، وش تسوين الحين ، ليه مانمتِ " .
ومن مثل هذه الأسئلة ، استغربت لأنها لا تتصل في مثل هذا الوقت .
سألتها : مالكم خارجين نص ساعة وتتصلين تسألين عن حالنا ؟! .
: إش صاير عندكم في البيت ؟! .. "
: ولا شيء .. "
كان صوت زوجها يتخلل المكالمة ، ولكنها تابعت تسألني ، وهي ترد عليه بكلمة ( أهلي ) ، فهمت أنه يسالها تتصل على من ، سألتني بصوت منخفض أقرب للهمس : إشبك اليوم ؟ مانت طبيعية بالمرة ؟ لا تهرجين ولا تضحكين وساهمة وساكتة وشاردة ؟! صاير شي في المدرسة ؟!"
سكتُّ ولم أرد ، أو لم أعرف كيف أرد ، كيف أبدأ ، أقول ولا أمشي حالي عشان أروح أنام ، لو تكلمت لن تتركني ، شعرت ببكوة كبيرة واقفة على صدري ، فالتزمت الصمت خوفا أن أبكي وأُفزعها ، وبقي فقط صوت أنفاسي يصلها ، وهي حست وقتها أن في الأمر شيء ، بدأ همسها يرتفع : إش بك ساكتة ؟ فين ............... ؟ أعطيني هو ، صحييه حتى لو هو نايم " ( تقصد أخوي ) .
أردت أن أجيبها أنه ماهو فيه ، و مارجع لسا ، لكن خانني لساني للمرة الثانية ، بكيت ، وبكيت ، وبكيت ، وسط الهدوء والخوف الذي كان حولي ، ولم يوقفني صوتها وتوسلاتها ، أن أتوقف ، وأقول وش فيه .
فزعت وهي تهددني إن لم أتكلم أنها جاية الحين للبيت هي وزوجها وبتصحي الوالد وووو .
أوقفتها ورميت بهذه العبارة المختصرة التي تحكي كل شكوكي ومخاوفي .
ولا أدري كيف نطقتها بذاك التعبير الذي لم أرده ولكن جرى به لساني .
: أنا فييييييييني جني .. "
.
.
.زائِـــــرُ اللّيْـــــل .
مازال للحلقة بقية ولزائر الليل طلّة .أنزلها غدًا بإذن الله .
- تابع حلقة 11 -زائِـــــرُ اللّيْـــــل: أنا فييييني جني .."
.
.
.
صمتٌ وسكوووووونٌ وهدوء ، كأنها قطعة من السكون القاتل حولي انتقلت لبيت أختي ! ، طال السكووووت ، وطـــــــــــال ، حتى ظننتها أقفلت السماعة !!
فجأة ظهر صوت حركة السلك ، وصوت خرخشة ، أو خربشة ، ثم جاءني صوتها مضطربا ، وهي تقول بصوت منخفض : استني " ، فهمت أنها تنتقل لمكان آخر بعيد عن زوجها ، ولتأخذ راحتها في الكلام .
: عيدي إش قلتِ ، مافهمت ؟! " .
رجفة في صوتها واضطراب !! هذا الذي خشيته ، كانت هي الخايفة !!!
أكّدت لها صحة ما سمعتْ ، وأعدتُ عليها نفس العبارة مرة أخرى ، لأؤكد لها أن ماسمعته صحيح ، وليس تخيل ، أو ظنّ .
بدأت تخاصمني ، وتنفي الأمر ، وأني لازم أفوق من هذا الهبل ، وهذي التهيؤات ، ومن هالكلام ، كانت تريد إدخال الاطمئنان لقلبي حتى أتوقف عن البكاء .
لم أكن أعرف كيف أبدأ ، أو كيف أشرح لها كل ما صار في مكالمة هاتف ! حتى لو كانت حقيقة فأنا أتمنى أن تكون أوهامًا ، ماحصل من تفريغ وانهيار قبل قليل ، جعلني أرتاح ، وبدأت أبذل الجهد لأوصل لها الفكرة .
بدأت من الأخير قائلة : يوم السبت بيبان لو تهيؤات ولا صحيح ، أنا أرسلت لواحد من المشايخ ، وهو إمام مسجد ، وهو بيرد عليّ ، شرحت له كل شي .. "
قاطعتني مولولة بهمس وخوف وعتاب وغيييييظ : أنتِ وصلتييييييييها للمشاااايخ !!! ومن ورانا ؟! ليه ماوراك أهل !! ماوراك رجال !!! ياويلك .. "
ثم انتبهت لنفسها وهمست : بس كيف عرف ؟!.. كيف وصلتي الورقة ؟! .. ماني فاااااهمة .. " .
بدأت أقص لها كل شيء مرّ ، من العطلة ، وذاك الثقل الذي يجثم على الصدر ، ويمنعني من الحركة والصراخ ، وذاك الحلم ويدي تغوص في بطن أختي ، وصراخ الأطفال ، إلى أنين تلك المرأة في المنور (خزان البيت) ومجيء الجيران ، إلى تلك الخدوش في اليد ، والفأر في المخزن ، إلى ذاك الشاب الأسود في وسط الغرفة ، إلى ماصار بالأمس من طيراني بالغرفة ، وكيف ينجلي كل ذاك بعد تعب شديد من محاولة نطق الشهادة ، كل هذا تخلله الشهقات ، والنياح ، والعويل ، وهي صامتة كأنها نخرست ، كنت مع حالي إلا اني أرثى لها ، أدخلت عليها فزعا وفي الليل كمان .
الوقت يمضي ، والصمت والسكوت من الطرف الآخر للسماعة ، جاءني بعدها صوتها مختلفا ، كانت خائفة للأسف الشديد ، كان هذا حال أخواتي الكبار ، أو النسوة عموما ، هو الخوف من مرور سيرة الجن ، مع أن الجنّ من مخلوقات الله ، وعلمنا الله كيف نحمي أنفسنا منهم .
الجنّ مثلهم مثل الأسد والنمر والوحوش الضارية ، لماذا لا نموت رعبا حين نمرّ بها في حديقة الحيوان ؟! لأننا نحمي أنفسنا منها بوضعها في قفص حديدي ، والجن نضعهم في قفص بالأذكار الشرعية ، والمعوذات القرآنية ، والاستعاذة بالله منهم ، وما علمناه الرسول صلى الله عليه وسلم من المعوذات ، في الليل ، والنهار ، والنوم ، والصحيان ، والأرق ، وعند دخول الحمام ، وعند الخروج ، وعند خوف العين ، وعند رؤية مايعجبك ، وعند دخول المنزل وعند الخروج منه ، ومع هذا يظل الخوف والرعب منهم ، كأنهم يملكون سير حياتنا وأرواحنا ، وكأننا قاسمناهم مع الله في القوة والقدرة والإرادة ، ومتى ما أراد الجني الوصول لإنسي استطاع ووصل !! مع أن الجنيّ جبان ، وضعيف ، وخوّاف ، بل هو أجبن من الإنسي بمراحل كبيرة ، ولا يجرؤ على إيذاء إنسيّ إلا لو هذا الإنسيّ سمح له إذا كان بلا سلاح .
جاءني صوتها به شيء من رجفة ، وهمس ، وخوف ، وإن تظاهرت بخلاف هذا ، ولكني أستطيع الإحساس به : الرسالة اللي عطيتيها صاحبتك كتبتِ اسمك فيها ؟ كتبتي له أنت بنت مين ؟! .. "
توقعتُ هذا السؤال : لا "
تنفست بقوة وهي تحمد الله ..
لم أشأ أن أفزعها وأقول لها أن زميلتي وأمها وأخيها الكبير يعلمون بي وباسمي .
: اسمعي ، خذي قرآن ، وخليه جنبك ، واجلسي اقري ، بقفل الحين وبعد شوية بتصل " .
وأقفلت السماعة .
جلستُ بالقرب من الهاتف ، أعرف أنها لن تنام طوال الليل ، وستظل تتصل كل شوي ، لا يمكن أن تنام .
وبالفعل بعد عشرة دقايق اتصلت .
همست : أسمعي انا و (.....زوجها......) بنجي الحين ، خذي المفتاح حق الدرج ، وخليك مستعدة ، باخذك عندي لين أفهم مضبوط الكلام ، لا تنامين في البيت اليوم .. "
كنت متعبة جدّا ، ورفضت بسرعة ، قلت لها : خليه بكرة ، مانمت مضبوط ولا بعرف أقول لك شي ، مررررة مالي خلق أتكلم ، أحسن بكرة أكون نمت ورقت ، ما أبغى أسيبهم لوحدهم " (أقصد أخواني) .
: مااااااارح أستنى لما بكرة ، تظنييييييين أني بنام بعد اللي سمعته !! " .
أكدت لها إني تعبااااانة وبكرة يصير خير ، ولو جيت مارح تنام من جد .
أقفلت السماعة ، وأنا مدركة انها لن تنام هذه الليلة ، أعرفها ، وغالب أخواتي من النوع الذي يفقد وعيه لو سمع عن الجنّ ، لكن أنا تغيرت بعد الذي مرّ بي .
1:00 ليلا
كما توقعت ، بعد نصف ساعة عادت تتصل مرة أخرى ، لن تنام ولن تجعلني أنام ( هي اتصلت على خالاتي وقتها ، وطيرت النوم من عيونهم ، خالاتي من أيام أمي رحمها الله يخافون من البيت ، ولم يدخلونه بعد وفاة الوالدة إلا مرات تعدّ على أصابع اليد الواحدة ، كرها للبيت من كره أمي له ، ودار الحديث بينهم واتفقوا على أمر اتصلت تقوله لي ، ولم تخبرني عن خالاتي أنهم دروا ، طبعا لم أعرف بهذا كله ولم تقله لي ، لكن فهمته فيما بعد )
قالت لي إنها كلمت ألحين ( أم أحمد ) " جارة أختي ، ومن القرابة ، امرأة قوية الشحصية ، كبيرة تُقارب الخمسين " ، وهي تعرف في مسائل الجن ، وتروح عند المشايخ والرقاة مع ناس كثير ، ومستعدة تروح معانا ، اتصلت عليها اختي تشرح لها اللي صار لي ، أم أحمد شجعت أختي على الذهاب ، وخطورة السكوت ، لأنه يزيد مع السكوت ، وخصوصا لو كانت بنت .
لم أفهم فيي البداية ، فأعادت الشرح أنهم بياخذوني لشيخ يقرا عليّ ، وقالت لي أن أم أحمد أخبرتها أن ليلة الجمعة ( يوم الخميس ) هو يوم النساء الخاص لهم للرقية عند هذا الشيخ المعروف ، يعني غدا ، وهي راحت مع ناس لعنده ، وهو ممتاز ، والكل يشكر فيه ، كان الأمر مفاجأة لي ، لم أرد ، والتزمت الصمت .
: أجيك الحين أشيلك عندي أحسن ، وتجلسين عندي لين بكرة ، ونخرج من بيتي في الليل عشان ماحد يحس بشي ، كنك جاية عندي عادي " .
رفضت ، وليتني لم أفعل ، لا أدري لما كنت متمسكة بالجلوس في البيت تلك الليلة ، أصريت على الرفض ، وهي تُلح وأنا أرفض ، وأقول لها خليه بكرة أحسن فيني نوم وتعبااانة .
أقفلت السماعة على اّتفاق أننا سنخرج في الغد لهذا الشيخ الذي لم أعرف اسمه وقتها ، ونبهتني كثيرا أن لا أفتح فمي بكلمة ولا لمخلوق لا في البيت ولا خارج البيت .
أقفلت السماعة ، وفيني ضيقة ، لم أتوقع أنها ستقترح عليّ هذا الاقتراح ! ، تمنيت أن أرفض ، ولكن في نفس الوقت أردت الذهاب فعلا ، شعور الخوف من الذهاب للشيخ ، ربما السبب خوفا أن يطلع اللي فيني صحيح ، وصراخ ومس وجنّ !! ، وربما خوفا أن يكون هو اللي خايف الحين موب أنا .جنون في التفكير يأخذني هنا وهناك ، بدأت صور تسقط في الضوء ، وكثير من حالات التلبس رأيتها في الأعراس ، وامرأة ترقص بصورة جنونية مع دندنات الأغاني ، وضرب الدفوف ، وتلك ترقص ، وترقص ، وتبكي ، وتجري ، وتصرخ ، وتجر شعرها وهي ترقص !! وبدأت أرى نفسي مكانها !! .
هذه المخاوف تقتل أكثر من المرض نفسه ، الخوف في حد ذاته خطر ، وقد يكون أكثر خطورة من الذي تخاف منه ، فالخوف من الجن قد يبلغ حدا لا يصله حدّ الجنيّ نفسه ، والخوف من الناس كذلك ، والخوف من الشرطة ، والخوف من المرض ، وهكذا .
لم أتوقع يوما أن سيكون في سجل حياتي شيخ يخنقني ويضربني ، ومن داخلي يخرج صوت متحشرج ، وهو يبكي ، وأنا لا أدري عن شيء !! أيمكن أن أُسحب لمثل ما رأيته في زار ، أو شيخ يقرأ ويضرب ويصرخ : اخررررررج ولا أحررررقتك !! " ، وتُقفل الأنوار ، ويُدار بالبخور ، وتتجمع الأشباح !! .
صورة مشوهة !! مخيفة ، مظلمة ، غير واضحة المعالم عن عالم الرقاة ، والقراء ، تختلط في الأذهان والمفاهيم بالشعوذة ، والرقص ، والكذب ، والبخور ، ونساء ورجال يدورون في حلقة تافهة ، وسط هزّ الرؤوس ، وهزّ الفخوذ ، ودخان أبيض يذكرك بالمخدرات ، جالبين الجن لا طاردينها ، بل هم الجنّ والشياطين ، صورة خلفتها أفلام عربية ، ومسلسلات كاذبة ، لعبت بعقول الناس ، وصورت أهل الدين في سيء الصور ، مع ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد رقى وقرأ على أناس ! ، بل ورُتب على هذا الأجر والفضل ! .
بدأ خوف من نوعٍ آخر يغزو أفكاري ، خوف الفضيحة ، وخوف الأهل ، وخوف الأسرة ، وخوف الأقارب ، خوف أن يعلم بي بنات خالي ، وبنات عمي ، هذا الشيء بحد ذاته سيقتلني لو عرفوا ، بدأت صورة قاتمة وهذا الأمر ينتشر عني بين الجميع ، سأسقط من عيون الكل ، مخاوف كاذبة يدمّر بها الإنسان نفسه بنفسه ، ومنذ متى كان القراءة على شخص يعني سقوطه ! وهل البنت التي تسلط عليها جني أو شيطان يعني هي انتهت من الحياة لا تصلح !! مسكينة البنت أي شيء يخدشها ولو كان بغير يدها .
أبعدت كل تلك الصور عن نفسيتي ، وبدأت أثبّت نفسي ، وأُذكّر نفسي بالإيجابيات من هذا الأمر ، كون هذا الشيء سينجلي ، سواء كان جنبا ، أم غيره ، ستظهر الحقيقة ، وسينكشف السرّ ، وما أنا فيه من همٍّ ، وغمٍّ ، وكدرٍ ، وضيق يستحق التضحية وتخطي هذه الخطوات ، ولو أن ينالني ماينالني ، يكفي أني سأعرف الحقيقة ، انزاح بعض الثقل عن صدري ، وبدأ النعاس يداعب عينيّ ، والتعب ينهكني ويقتلني .
الحدث الثالث
زائر الليل
تمددت على فراشي ، وأسألة تحاصرني ، لم أتمناها أن تأتي الآن ، ولكنها تأتي هكذا في الوقت التي لا تريدها أن تأتي ؟!!! ، كنت أسأل نفسي هل سمع المكالمة ؟! هل هو في الغرفة الآن يراني ؟! ، أخذتُ أقلّب أنظاري في الجدار ، وفي فراغ الغرفة ، وعلى فُرش أخوتي النيام ، والسؤال لا يجد له جواب ، هل هو موجود في الغرفة ؟!! ليتني أعرف ، ولو أن يظهر قدامي !!! المهم أرتاح وأعرف ، ولعل من رحمة الله بنا أننا لا نعرف .
كل شيء ساكنٌ حولي ، وهدوء قاتل يقتل فيك الأمن والسكينة ، لم يكن حسّ حركة ، ولا حتى همسة هواء تعبر من النافذة المشرعة أعلى فراشي ، دارت عيناي تُحصي كل شيء في الغرفة ، لعله مختبئ هنا ، أو هنا ، أو خلف عبائتي السوداء ، لو كان في الغرفة فلابد أنه عرف أننا في الغد سنذهب للشيخ ، ولابد أن هذا الأمر يخيفه ، شعرت بفرح مع طروء فكرة أنه سيخاف لو سمع المكالمة وسيذهب ، ويرحل بعيدا عني ولن يعود ، لكني تجهمتُ مع فكرة أخرى أن يحاول الانتقام مني قبل أن نصل للشيخ !! .
أبعدت المخاوف عني ، تحسست الطرحة المرمية بجوار الفراش ، وأمسكت بها جيدًا ، وكأنها مصدر أمان لي !!!! ، والنوم يربط على عينيّ ، محتلا العقل والجسد ، دافعا كل ماعداه عن الصورة ، لم أدري كيف نمت بسرعة ، دون ذكر ، ولا قرآن ، وفي ثوانٍ كنت خارج عالم الصحيان ، ودخلت عالم المنام .
حلمٌ سرييييييييييع ، ليل ، وظلام ، وجذع شجرة سميكة ، وأنا تحتها ، ممسكة بالجذع ، الظلام يحفّ بي من كل مكان ، وفجأة شعرت بهمهمة خلف أذني ، وشيء يلامس جلدي خلف الأذن ، أسفل الأذن من الخلف ، قريبا وموازيا لموضع القُرط (الحلق) ، موضع يكون فيه شريان كبير يضخ الدم للرأس ، ولهذا لو فيه حجامة تكون في هذه المنطقة ، شعرت بشعيرات تلامس جلدي ، لولا هذه الهمهمة لظننت أن هذا الشيء شنب رجل .
الهمهمة تشبه همهمة الأسد ، أو حيوان كبير مفترس ، صوت الهمهمة التي تشبه الزمجرة ، تجعلني أتخيل هذا الشيء كبيييير ، أسد ، أو دبّ ، أو نمر ، في الحلم كنت أراه دبّا أسودا كبييييرا يقف خلفي ، وبدأ يعضّني خلف أذني بأسنانه أو أنيابه ، لم يكن العض يبلغ مني مبلع عضّ الأسد أو الدب ، ولكنه كان مؤلما بشدة ، ولم يكن يخترق الجلد ، كنت خائفة وأرتعب ، ولكني لم أتحرك .
صوت همهماته من قربها ، ( تنصبّ في الأذن بالضبط ) ، القربُ ضاعف ترددها كثيرا ، حتى يُخال لك الآف الدببة تهمهم في أذنك ، وقطيع من الذئاب خلفك ، الهمهمة تخترق الأذن ، والشعيرات التي حول فمه تخدش جلد الأذن وتصل للخد ، أشعر بهذا لدرجة غير معقولة كأنها حقيقة فعلا .
تواصل العضّ ، وبدأ عضه يؤلمني ، وهو يزيد ، ويضغط بقوة ، وقوة ، ويستمر ، كان مجرد عض لا ينتج عنه دم ، ولا نهش للحم ، ولكنه مؤلم أردت أتحرك من المكان ، أو أتشبث بجذع الشجرة ، لكني لم أتحرك ، وهو مستمرّ ، والهمهمة تشق طبلة الأذن ، لترصّ في خلجات القلب مطارقا من رعب ..
فجأة فتحتُ عيناي ، هكذا فجأة !! ، دون أن يتواجد ذاك الثقل ، الحمد لله ، كان مجرد حلم .
استقبل وجهي جدار الغرفة المواجه لي ، والتي تعلوه النافذة ، الحمد لله أن صحوت ، شعرت بالحلم ، كأنه حقيقة فعلا ، أردت آخذ نفس عمييييييييييق ليُذهب عني هذه الخلعة التي حصلت ولكن ......
كاد قلبي وقتها أن يتوقف والله ، والله كدت أموت وقتها حقيقة من شدة الفزع ، كان صوت همهمة حقيقية تنصب في أذني ، وأسنان تعضّ وتنغرس خلف أذني ، حقيقة لا حلمًا !!
تصّلبّ جسمي عن الحركة ، وربما قلبي توقف لثوانٍ ، كنتُ نائمة على جنبي اليمين ووجهي للجدار ، والذي يعضني خلفي ، عند رأسي بالضبط ، بالتأكيد سيكون قريبًا من أخي الصغير الراقد بجواري .
لا أستطيع أن ألتفت لأراه ، سيهجم على وجهي حتما ، قريب قريب جدا منّي ، بالطبع لم يكن في بالي وقتها إلا الدبّ الأسود ، كان صوت الهمهمة لحيوان ، لا لإنسان ، الهمهمة مع هذه الأنياب تدلّ أنه متوحشّ ، نعم حيوان متوحش ، ذو أنياب وزمجرة !!! .
دقيقة واثنتان أنظر للجدار أمامي ، والعض مستمرّ خلفي ، ماذا أفعل ؟! ، جاءتني فكرة سريعة ، أن لا أنظر خلفي ، بل أقوم بأسرع ماعندي للأمام ، بعيدا عنه ، دون أن أنظر له ، اتّجه للجدار المواجه لي ، حتى إذا اطمأننت أني بعيدة عنه ، التفت للخلف لأراه حينها .
أغمضت عيناي للحظة الحاسمة ، ثم في نتفة من الثانية ، رفعت جسمي بقوة وسرعة ، وسحبت نفسي للأمام لألصق بالجدار ، توقفت أقل من الثانية ، أخشى أن يهجم عليّ ، ثم بسرعة التفتّ للخلف .
رأيته جالسا على وسادتي ، كاشرًا عن أسنانه ، ينظر لي ، وفمه شبه مفتوح يستعد للعضّ !!!!....
من هو زَائِـــرُ اللّيـْــل ؟!
يومٌ في عالم الرقاة