بسم الله والحمد لله وبعد

اليوم الحادي عشر من ذي الحجة هو يوم القَرّ الذي يقر الحجاج فيه بمنى ويستريحوا بعد كثير أعمالٍ تقربوا إلى الله بها في الأيام الماضية

وقد جاء النص مذكرآ بأفضلية هذا اليوم و أنه يلي يوم النحر كما بحديث عبدالله بن قرط رضي الله عنه مرفوعا ( إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر ) رواه أبوداود وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وهو كذلك

وأفضليته والله أعلم لأمور ، ومنها :
أنه أول أيام رمي الجمرات الثلاث كما أنه أول أيام التشريق
وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر

وهي الأيام المعدودات التي أمر الله
بذكره فيها فقال سبحانه : ( واذكروا الله في أيام معدودات ) كما صح التفسير بذلك عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم
وعن الحسن ومجاهد وعطاء وقتادة في آخرين رحمهم الله وهو ترجيح جمهور المفسرين

ومن أبرز الأعمال التي يذكر بها الحاج وغيره مايلي :

١- كثر ة ذكر الله في هذه الأيام خاصة كما جاء ذلك صريحآ في الآية السابقة و كما في صحيح مسلم من حديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه مرفوعا : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله )
وهنا تنبيهان :
الأول : الخطاب في الآية للحاج و يشاركه غير الحاج بدلالة حديث نبيشة وغيره ولما أثر من فعلٍ لبعض الصحب رضوان الله عليهم لمطلق التكبير ومقيدة في أدبار الصلوات المفروضة وبما هو أعم من ذلك من ذكر الله تعالى .

الثاني : الذكر ليس مجرد ملفوظ اللسان فحسب بل هو أعم من ذلك كما نبه عليه أهل العلم عامةً
ومن ذلك ما قاله ابن عثيمين رحمه الله : ( والذكر يتناول التكبير والتهليل والتحميد والمبيت في منى لأنه امتثال لأمر الله ويشمل رمي الجمرات الثلاث ) احكام القران ( ٢/ ٤٧) بتصرف يسير

وقال في التفسير - البقرة- ( ٢ / ٤٣٩ ) : والذكر هنا يشمل كل مايتقرب به إلى الله من قول وفعل فيشمل التكبير في تلك الأيام مطلقا ومقيدآ والنحر من الضحايا والهدايا ورمي الجمار والطواف والسعي اذا وقعا في هذه الايام بل والصلاة المفروضة والتطوع )

٢- كثرة الدعاء خاصة في هذه الأيام وفيها نص وهو مارواه الفريابي في العيدين بسند فيه ضعف عن ابي كنانة القرشي قال خطبنا أبو موسى رضي الله عنه ، ومما قال : ( ... وهذا يوم الحج الأكبر ومابعده من الثلاث اللاتي ذكر الله عز وجل الأيام المعدودات لا يرد فيهن الدعاء فارفعوا أرغبتكم إلى الله ..)
وقد اجتمع جملة ًمن اسباب اجابة الدعوة كشرف الزمان والمكان و عقب عظيم الأعمال الصالحة و بين ساعات التكبير والتهليل و الذكر .
فاكثر من الدعاء موقنآ بالإجابة

وكذلك اكثر يامسلم من التهليل والتكبير والتحميد :

فلا إله الا الله كلمة يتقى بها من النار

سمع ابن عمر رضي الله عنه الناس يكبرون بها وهو في طريق منى فقال : هي هي فقال من سمعه : ماهي فقال : ( وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ) رواه الطبري
وبنحوه عن على رضي الله عنه بسند صالح عند الحاكم وغيره

فهي من أفضل مايقال في هذه الأيام المعدودات

روى عبدالرزاق بسنده الصحيح عن عمرو بن مرة قال : قيل لابن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما أفضل ماتقول في هذه الأيام أيام الحج أو أيام ؟ فقال : لا إله الا الله والله أكبر

ثم احذر يامسلم من الخوض فيما لا ينفع من القول ، واجعل حديثك هو ذكر الله وما والاه

روى ابن ابي شيبة بسند حسن عن يحيى بن راشد قال : حججنا فلما قضينا نسكنا قلنا : لو أتينا ابن عمر فحدثناه فأتينا فخرج إلينا فجلس بيننا فصمت لنسكه وصمتنا ليحدثنا فلما أطال الصمت قال : مالكم لا تحدثون ألا تقولون : سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، فإن زدتم خيرآ زادكم الله .

ثم تأمل يارعاك الله
لطافة التعبير ب( معدودات )
فإن مما يراد به والله أعلم التذكير والتبصير بقلتها

فاقبض عليها يا أريب قبل رحيلها
و أدرك عدها يالبيب قبل انقضائها

كذلك تأمل في قوله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام أنها أيام أكل وشرب وذكر الله
فقدم الأكل والشرب للتذكير بأنه يستعان به على طاعة الله وذكره وشكره
فلا تعصه وأنت ترفل بنعمه

وفقنا الله لطاعته
وجعلنا أيامنا عامرة بذكره وشكره

كتبه : محمد بن أحمد البداح .