مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

تفسير القرطبي - سورة الأحزاب - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) (الأحزاب) mp3
سُورَة الْأَحْزَاب مَدَنِيَّة فِي قَوْل جَمِيعهمْ . نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ وَإِيذَائِهِمْ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَطَعْنهمْ فِيهِ وَفِي مُنَاكَحَته وَغَيْرهَا . وَهِيَ ثَلَاث وَسَبْعُونَ آيَة . وَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَة تَعْدِل سُورَة الْبَقَرَة . وَكَانَتْ فِيهَا آيَة الرَّجْم : ( الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّه وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم ) ; ذَكَرَهُ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب . وَهَذَا يَحْمِلهُ أَهْل الْعِلْم عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى رَفَعَ مِنْ الْأَحْزَاب إِلَيْهِ مَا يَزِيد عَلَى مَا فِي أَيْدِينَا , وَأَنَّ آيَة الرَّجْم رُفِعَ لَفْظهَا . وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْهَيْثَم بْن خَالِد قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد الْقَاسِم بْن سَلَّام قَالَ حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم عَنْ اِبْن لَهِيعَة عَنْ أَبِي الْأَسْوَد عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : كَانَتْ سُورَة الْأَحْزَاب تَعْدِل عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَتَيْ آيَة , فَلَمَّا كُتِبَ الْمُصْحَف لَمْ يُقْدَر مِنْهَا إِلَّا عَلَى مَا هِيَ الْآن . قَالَ أَبُو بَكْر : فَمَعْنَى هَذَا مِنْ قَوْل أُمّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة : أَنَّ اللَّه تَعَالَى رَفَعَ إِلَيْهِ مِنْ سُورَة الْأَحْزَاب مَا يَزِيد عَلَى مَا عِنْدنَا .

قُلْت : هَذَا وَجْه مِنْ وُجُوه النَّسْخ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " الْقَوْل فِيهِ مُسْتَوْفًى وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَرَوَى زِرّ قَالَ قَالَ لِي أُبَيّ بْن كَعْب : كَمْ تَعُدُّونَ سُورَة الْأَحْزَاب ؟ قُلْت ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ آيَة ; قَالَ : فَوَاَلَّذِي يَحْلِف بِهِ أُبَيّ بْن كَعْب أَنْ كَانَتْ لَتَعْدِل سُورَة الْبَقَرَة أَوْ أَطْوَل , وَلَقَدْ قَرَأْنَا مِنْهَا آيَة الرَّجْم : الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّة نَكَالًا مِنْ اللَّه وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم . أَرَادَ أُبَيّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآن . وَأَمَّا مَا يُحْكَى مِنْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَة كَانَتْ فِي صَحِيفَة فِي بَيْت عَائِشَة فَأَكَلَتْهَا الدَّاجِن فَمِنْ تَأْلِيف الْمَلَاحِدَة وَالرَّوَافِض .

ضُمَّتْ " أَيّ " لِأَنَّهُ نِدَاء مُفْرَد , وَالتَّنْبِيه لَازِم لَهَا . و " النَّبِيّ " نَعْت لِأَيُّ عِنْد النَّحْوِيِّينَ ; إِلَّا الْأَخْفَش فَإِنَّهُ يَقُول : إِنَّهُ صِلَة لِأَيُّ . مَكِّيّ : وَلَا يُعْرَف فِي كَلَام الْعَرَب اِسْم مُفْرَد صِلَة لِشَيْءٍ . النَّحَّاس : وَهُوَ خَطَأ عِنْد أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ ; لِأَنَّ الصِّلَة لَا تَكُون إِلَّا جُمْلَة , وَالِاحْتِيَال لَهُ فِيمَا قَالَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ نَعْتًا لَازِمًا سُمِّيَ صِلَة ; وَهَكَذَا الْكُوفِيُّونَ يُسَمُّونَ نَعْت النَّكِرَة صِلَة لَهَا . وَلَا يَجُوز نَصْبه عَلَى الْمَوْضِع عِنْد أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ . وَأَجَازَهُ الْمَازِنِيّ , جَعَلَهُ كَقَوْلِك : يَا زَيْدُ الظَّرِيفَ , بِنَصْبِ " الظَّرِيف " عَلَى مَوْضِع زَيْد . مَكِّيّ : وَهَذَا نَعْت يُسْتَغْنَى عَنْهُ , وَنَعْت " أَيّ " لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فَلَا يَحْسُن نَصْبه عَلَى الْمَوْضِع . وَأَيْضًا فَإِنَّ نَعْت " أَيّ " هُوَ الْمُنَادَى فِي الْمَعْنَى فَلَا يَحْسُن نَصْبه . وَرُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ يُحِبّ إِسْلَام الْيَهُود : قُرَيْظَة وَالنَّضِير وَبَنِي قَيْنُقَاع ; وَقَدْ تَابَعَهُ نَاس مِنْهُمْ عَلَى النِّفَاق , فَكَانَ يُلِين لَهُمْ جَانِبه ; وَيُكْرِم صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ , وَإِذَا أَتَى مِنْهُمْ قَبِيح تَجَاوَزَ عَنْهُ , وَكَانَ يَسْمَع مِنْهُمْ ; فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ ; إِنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَا ذَكَرَ الْوَاحِدِيّ وَالْقُشَيْرِيّ وَالثَّعْلَبِيّ وَالْمَاوَرْدِيّ وَغَيْرهمْ فِي أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب وَعِكْرِمَة بْن أَبِي جَهْل وَأَبِي الْأَعْوَر عَمْرو بْن سُفْيَان , نَزَلُوا الْمَدِينَة عَلَى عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول رَأْس الْمُنَافِقِينَ بَعْد أُحُد , وَقَدْ أَعْطَاهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمَان عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوهُ , فَقَامَ مَعَهُمْ عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن أَبِي سَرْح وَطُعْمَة بْن أُبَيْرِق , فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْده عُمَر بْن الْخَطَّاب : اُرْفُضْ ذِكْر آلِهَتنَا اللَّات وَالْعُزَّى وَمَنَاة , وَقُلْ إِنَّ لَهَا شَفَاعَة وَمَنَعَة لِمَنْ عَبَدَهَا , وَنَدَعك وَرَبّك . فَشَقَّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالُوا . فَقَالَ عُمَر : يَا رَسُول اللَّه اِئْذَنْ لِي فِي قَتْلهمْ . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتهمْ الْأَمَان ) فَقَالَ عُمَر : اُخْرُجُوا فِي لَعْنَة اللَّه وَغَضَبه . فَأَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ الْمَدِينَة ; فَنَزَلَتْ الْآيَة . " يَا أَيّهَا النَّبِيّ اِتَّقِ اللَّه " أَيْ خَفْ اللَّه .

مِنْ أَهْل مَكَّة , يَعْنِي أَبَا سُفْيَان وَأَبَا الْأَعْوَر وَعِكْرِمَة .

مِنْ أَهْل الْمَدِينَة , يَعْنِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ وَطُعْمَة وَعَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن أَبِي سَرْح فِيمَا نُهِيت عَنْهُ , وَلَا تَمِلْ إِلَيْهِمْ .

بِكُفْرِهِمْ

فِيمَا يَفْعَل بِهِمْ . الزَّمَخْشَرِيّ : وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا سُفْيَان بْن حَرْب وَعِكْرِمَة بْن أَبِي جَهْل وَأَبَا الْأَعْوَر السُّلَمِيّ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُوَادَعَة الَّتِي كَانَتْ بَيْنه وَبَيْنهمْ , وَقَامَ مَعَهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ وَمُعَتِّب بْن قُشَيْر وَالْجَدّ بْن قَيْس , فَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اُرْفُضْ ذِكْر آلِهَتنَا . وَذَكَرَ الْخَبَرَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ . وَأَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي نَقْضِ الْعَهْد وَنَبْذ الْمُوَادَعَة . " وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ " مِنْ أَهْل مَكَّة . " وَالْمُنَافِقِينَ " مِنْ أَهْل الْمَدِينَة فِيمَا طَلَبُوا إِلَيْك . وَرُوِيَ أَنَّ أَهْل مَكَّة دَعَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ يَرْجِع عَنْ دِينه وَيُعْطُوهُ شَطْر أَمْوَالهمْ , وَيُزَوِّجهُ شَيْبَةُ بْن رَبِيعَة بِنْتَهُ , وَخَوَّفَهُ مُنَافِقُو الْمَدِينَة أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَهُ إِنْ لَمْ يَرْجِع ; فَنَزَلَتْ . النَّحَّاس : وَدَلَّ بِقَوْلِهِ " إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَمِيل إِلَيْهِمْ اِسْتِدْعَاء لَهُمْ إِلَى الْإِسْلَام ; أَيْ لَوْ عَلِمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مَيْلك إِلَيْهِمْ فِيهِ مَنْفَعَة لَمَا نَهَاك عَنْهُ ; لِأَنَّهُ حَكِيم . ثُمَّ قِيلَ : الْخِطَاب لَهُ وَلِأُمَّتِهِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • شرح العقيدة الأصفهانية

    شرح العقيدة الأصفهانية: عبارة عن شرح لشيخ الإسلام على رسالة الإمام الأصفهاني في العقيدة، وبيان ما ينبغي مخالفته من أقوال المتكلمين.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1913

    التحميل:

  • حديث: «لا تغضب» دراسة حديثية دعوية نفسية

    حديث: «لا تغضب» دراسة حديثية دعوية نفسية: هذه الدراسة محاولة لتشخيص غريزة الغضب ودراستها دراسة حديثية نبوية؛ لمعالجة من يُصاب بهذا الداء، أو للوقاية منه قبل الإصابة، وكذا محاولة لبيان أثر هذا الغضب في نفسية الإنسان وتدخله في الأمراض العضوية، ومن ثَمَّ استيلاء هذا المرض النفسي على المُصاب به.

    الناشر: شبكة السنة النبوية وعلومها www.alssunnah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330177

    التحميل:

  • الثمر المستطاب في روائع الآل والأصحاب

    الثمر المستطاب في روائع الآل والأصحاب: قال المُؤلِّفان: «فإن لآل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانةً عظيمةً، ومنزلةً سامِقةً رفيعةً، وشرفًا عاليًا، وقدرًا كبيرًا. لقد حباهم الله هذه المكانة البالغة الشرف، فجعل الصلاةَ عليهم مقرونةً بالصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - في التشهُّد، وأوجبَ لهم حقًّا في الخمس والفَيْء، وحرَّم عليهم الصدقة؛ لأنها أوساخ الناس، فلا تصلُح لأمثالهم ... وقد جمعتُ في هذه الأوراق مواقف متنوعة، وقصصًا مُشرقة للآل والأصحاب - رضي الله عنهم -، ورتَّبتُها على أبوابٍ مختلفة، وتركتُها قفلاً من غير تعليق لأنها ناطقة بما فيها، واعتمدتُ في جمع هذه المواقف على مراجع متنوعة، وقد أنقلُ - أحيانًا - جزءًا كبيرًا من كتابٍ واحدٍ لحصول المقصود به؛ ككتاب «سير أعلام النبلاء» للذهبي - رحمه الله -، و«حياة الصحابة» للكاندهلوي - رحمه الله -، و«صلاح الأمة في علوِّ الهمَّة» لسيد عفاني - وفقه الله -».

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380429

    التحميل:

  • استمتع بحياتك

    استمتع بحياتك: كتابٌ في مهارات وفنون التعامل مع الناس في ظل السيرة النبوية، وهو حصيلة بحوث ودورات وذكريات أكثر من عشرين سنة، وهو من الكتب المتميزة في تطوير الذات وتنمية المهارات.

    الناشر: موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330537

    التحميل:

  • أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها

    أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنة منها: كتاب يتحدث عن موقف أهل السنة والجماعة في اثبات أسماء الله الحسنى و صفاته والرد على المنكرين لها.

    الناشر: دار الثريا للنشر

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/44527

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة

شبكة تواصل العائلية 1445 هـ
Powered by Quran For All version 2
www.al-naddaf.com ©1445h