مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

تفسير القرطبي - سورة التوبة - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) (التوبة) mp3
فَصْل فِي أَسْمَائِهَا

قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ سُورَة بَرَاءَة فَقَالَ : تِلْكَ الْفَاضِحَة مَا زَالَ يَنْزِل : وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ حَتَّى خِفْنَا أَلَّا تَدَع أَحَدًا . قَالَ الْقُشَيْرِيّ أَبُو نَصْر عَبْد الْحَمِيد : هَذِهِ السُّورَة نَزَلَتْ فِي غَزْوَة تَبُوك وَنَزَلَتْ بَعْدهَا . وَفِي أَوَّلهَا نَبْذ عُهُود الْكُفَّار إِلَيْهِمْ . وَفِي السُّورَة كَشْف أَسْرَار الْمُنَافِقِينَ . وَتُسَمَّى الْفَاضِحَة وَالْبَحُوث , لِأَنَّهَا تَبْحَث عَنْ أَسْرَار الْمُنَافِقِينَ وَتُسَمَّى الْمُبَعْثِرَة , وَالْبَعْثَرَة : الْبَحْث .

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي سَبَب سُقُوط الْبَسْمَلَة مِنْ أَوَّل هَذِهِ السُّورَة عَلَى أَقْوَال خَمْسَة : [ الْأَوَّل ] أَنَّهُ قِيلَ كَانَ مِنْ شَأْن الْعَرَب فِي زَمَانهَا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا كَانَ بَيْنهمْ وَبَيْن قَوْم عَهْد فَإِذَا أَرَادُوا نَقْضه كَتَبُوا إِلَيْهِمْ كِتَابًا وَلَمْ يَكْتُبُوا فِيهِ بَسْمَلَة فَلَمَّا نَزَلَتْ سُورَة بَرَاءَة بِنَقْضِ الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكِينَ بَعَثَ بِهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فِي الْمَوْسِم وَلَمْ يُبَسْمِل فِي ذَلِكَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتهمْ فِي نَقْض الْعَهْد مِنْ تَرْك الْبَسْمَلَة .

[ وَقَوْل ثَانٍ ] رَوَى النَّسَائِيّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد قَالَ حَدَّثَنَا عَوْف قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيد الرَّقَاشِيّ قَالَ : قَالَ لَنَا اِبْن عَبَّاس : قُلْت لِعُثْمَان مَا حَمَلَكُمْ إِلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى [ الْأَنْفَال ] وَهِيَ مِنْ الْمَثَانِي وَإِلَى [ بَرَاءَة ] وَهِيَ مِنْ الْمِئِين فَقَرَنْتُمْ بَيْنهمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا سَطْر بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْع الطُّوَل فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ عُثْمَان : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْء يَدْعُو بَعْض مَنْ يَكْتُب عِنْده فَيَقُول : ( ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَة الَّتِي فِيهَا كَذَا وَكَذَا ) . وَتَنْزِل عَلَيْهِ الْآيَات فَيَقُول : ( ضَعُوا هَذِهِ الْآيَات فِي السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا كَذَا وَكَذَا ) . وَكَانَتْ [ الْأَنْفَال ] مِنْ أَوَائِل مَا أُنْزِلَ , وَ [ بَرَاءَة ] مِنْ آخِر الْقُرْآن وَكَانَتْ قِصَّتهَا شَبِيهَة بِقِصَّتِهَا وَقُبِضَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّن لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا فَظَنَنْت أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْت بَيْنهمَا وَلَمْ أَكْتُب بَيْنهمَا سَطْر بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم . وَخَرَّجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَقَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن .

[ وَقَوْل ثَالِث ] رُوِيَ عَنْ عُثْمَان أَيْضًا . وَقَالَ مَالِك فِيمَا رَوَاهُ اِبْن وَهْب وَابْن الْقَاسِم وَابْن عَبْد الْحَكَم : إِنَّهُ لَمَّا سَقَطَ أَوَّلهَا سَقَطَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم مَعَهُ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن عَجْلَان أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سُورَة [ بَرَاءَة ] كَانَتْ تَعْدِل الْبَقَرَة أَوْ قُرْبهَا فَذَهَبَ مِنْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يُكْتَب بَيْنهمَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : كَانَتْ مِثْل سُورَة الْبَقَرَة .

[ وَقَوْل رَابِع ] قَالَهُ خَارِجَة وَأَبُو عِصْمَة وَغَيْرهمَا . قَالُوا : لَمَّا كَتَبُوا الْمُصْحَف فِي خِلَافَة عُثْمَان اِخْتَلَفَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : بَرَاءَة وَالْأَنْفَال سُورَة وَاحِدَة . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُمَا سُورَتَانِ . فَتُرِكَتْ بَيْنهمَا فُرْجَة لِقَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّهُمَا سُورَتَانِ وَتُرِكَتْ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لِقَوْلِ مَنْ قَالَ هُمَا سُورَة وَاحِدَة فَرَضِيَ الْفَرِيقَانِ مَعًا وَثَبَتَتْ حُجَّتهمَا فِي الْمُصْحَف .

[ وَقَوْل خَامِس ] قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : سَأَلْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب لِمَ لَمْ يُكْتَب فِي بَرَاءَة بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم ؟ قَالَ : لِأَنَّ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم أَمَان وَبَرَاءَة نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ لَيْسَ فِيهَا أَمَان . وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ الْمُبَرِّد قَالَ : وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَع بَيْنهمَا فَإِنَّ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم رَحْمَة وَبَرَاءَة نَزَلَتْ سَخْطَة . وَمِثْله عَنْ سُفْيَان . قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة : إِنَّمَا لَمْ تُكْتَب فِي صَدْر هَذِهِ السُّورَة بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لِأَنَّ التَّسْمِيَة رَحْمَة وَالرَّحْمَة أَمَان وَهَذِهِ السُّورَة نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ وَبِالسَّيْفِ وَلَا أَمَان لِلْمُنَافِقِينَ . وَالصَّحِيح أَنَّ التَّسْمِيَة لَمْ تُكْتَب لِأَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا نَزَلَ بِهَا فِي هَذِهِ السُّورَة قَالَهُ الْقُشَيْرِيّ . وَفِي قَوْل عُثْمَان : قُبِضَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّن لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا دَلِيل عَلَى أَنَّ السُّوَر كُلّهَا اِنْتَظَمَتْ بِقَوْلِهِ وَتَبْيِينه وَأَنَّ بَرَاءَة وَحْدهَا ضُمَّتْ إِلَى الْأَنْفَال مِنْ غَيْر عَهْد مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا عَاجَلَهُ مِنْ الْحِمَام قَبْل تَبْيِينه ذَلِكَ . وَكَانَتَا تُدْعَيَانِ الْقَرِينَتَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ تُجْمَعَا وَتُضَمّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى لِلْوَصْفِ الَّذِي لَزِمَهُمَا مِنْ الِاقْتِرَان وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيّ .

قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْقِيَاس أَصْل فِي الدِّين أَلَا تَرَى إِلَى عُثْمَان وَأَعْيَان الصَّحَابَة كَيْفَ لَجَئُوا إِلَى قِيَاس الشَّبَه عِنْد عَدَم النَّصّ وَرَأَوْا أَنَّ قِصَّة [ بَرَاءَة ] شَبِيهَة بِقِصَّةِ [ الْأَنْفَال ] فَأَلْحَقُوهَا بِهَا ؟ فَإِذَا كَانَ اللَّه تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ دُخُول الْقِيَاس فِي تَأْلِيف الْقُرْآن فَمَا ظَنّك بِسَائِرِ الْأَحْكَام .

" بَرَاءَة " تَقُول : بَرِئْت مِنْ الشَّيْء أَبْرَأ بَرَاءَة فَأَنَا مِنْهُ بَرِيء إِذَا أَزَلْته عَنْ نَفْسك وَقَطَعْت سَبَب مَا بَيْنك وَبَيْنه . و " بَرَاءَة " رَفْع عَلَى خَبَر اِبْتِدَاء مُضْمَر تَقْدِيره هَذِهِ بَرَاءَة . وَيَصِحّ أَنْ تُرْفَع بِالِابْتِدَاءِ . وَالْخَبَر فِي قَوْله : " إِلَى الَّذِينَ " . وَجَازَ الِابْتِدَاء بِالنَّكِرَةِ لِأَنَّهَا مَوْصُوفَة فَتَعَرَّفَتْ تَعْرِيفًا مَا وَجَازَ الْإِخْبَار عَنْهَا . وَقَرَأَ عِيسَى بْن عُمَر " بَرَاءَة " بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِير اِلْتَزِمُوا بَرَاءَة فَفِيهَا مَعْنَى الْإِغْرَاء . وَهِيَ مَصْدَر عَلَى فَعَالَة كَالشَّنَاءَةِ وَالدَّنَاءَة .



يَعْنِي إِلَى الَّذِينَ عَاهَدَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِلْعُقُودِ وَأَصْحَابه بِذَلِكَ كُلّهمْ رَاضُونَ فَكَأَنَّهُمْ عَاقَدُوا وَعَاهَدُوا فَنَسَبَ الْعَقْد إِلَيْهِمْ . وَكَذَلِكَ مَا عَقَدَهُ أَئِمَّة الْكُفْر عَلَى قَوْمهمْ مَنْسُوب إِلَيْهِمْ مَحْسُوب عَلَيْهِمْ يُؤَاخَذُونَ بِهِ إِذْ لَا يُمْكِن غَيْر ذَلِكَ فَإِنَّ تَحْصِيل الرِّضَا مِنْ الْجَمِيع مُتَعَذِّر فَإِذَا عَقَدَ الْإِمَام لِمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَة أَمْرًا لَزِمَ جَمِيع الرَّعَايَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • آداب المسلم الصغير

    كتاب للصغار يحتوي على 37 صفحة من الرسومات التوضيحية والجداول والتقسيمات لتعليم آداب المسلم .

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/328740

    التحميل:

  • بيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل جميعًا وبعث به خاتمهم محمدًا صلى الله عليه وسلم

    بيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل جميعًا وبعث به خاتمهم محمدًا صلى الله عليه وسلم: الرسالة تحتوي على ثلاث مسائل: الأولى: حقيقة التوحيد والشرك. الثانية: توحيد المرسلين، وما يضاده من الكفر والشرك. الثالثة: توضيح معنى الشرك بالله.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2131

    التحميل:

  • بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار

    فإن « منتقى الأخبار » لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية - رحمه الله - قد جمع من الأحاديث ما لم يجتمع في غيره من كتب الأحكام؛ لذلك حرص العلماء على شرحه، ومن هؤلاء العلامة محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله - في كتابه « نيل الأوطار »، وقد قام المؤلف - رحمه الله- باختصاره، وشرح ما يدل على الترجمة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/57663

    التحميل:

  • فوائد مستنبطة من قصة يوسف

    فوائد مستنبطة من قصة يوسف: بعض الفوائد المستنبطة من سورة يوسف - عليه السلام - لما فيها من آيات وعبر منوعة لكل من يسأل ويريد الهدى والرشاد, وأيضاً فيها من التنقلات من حال إلى حال, ومن محنة إلى محنة, ومن محنة إلى منحة, ومن ذلة ورق إلى عز وملك, ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وإدراك غايات, ومن حزن وترح إلى سرور وفرح, ومن رخاء إلى جدب, ومن جدب إلى رخاء, ومن ضيق إلى سعة، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه هذه القصة العظيمة, فتبارك من قصها ووضحها وبينها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2136

    التحميل:

  • أركان الإسلام

    أركان الإسلام: يتناول هذا الكتاب الشرحَ المدعم بالدليل من الكتاب والسنة أركانَ الإسلام الخمسة، وهي (الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج)، وعُرض فيه كل ركن على حدة، مع بيان معناه، ودليله، وحكمه، وحكمته، وشروطه، وما يستلزم توضيحه من المباحث المتعلقة بكل ركن، وذلك بأسلوب رصين، وعبارات سلسلة، ولغة واضحة. وهذه الدراسة عن أركان الإسلام هي أحد برامج العمادة العلمية، حيث وجّهت بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة للكتابة في الموضوع ثمّ كلّفت اللجنة العلمية بالعمادة بدراسة ما كتبوه واستكمال النقص وإخراجه بالصورة المناسبة، مع الحرص على ربط القضايا العلمية بأدلّتها من الكتاب والسنّة. وتحرص العمادة - من خلال هذه الدراسة - إلى تمكين أبناء العالم الإسلامي من الحصول على العلوم الدينية النافعة؛ لذلك قامت بترجمتها إلى اللغات العالمية ونشرها وتضمينها شبكة المعلومات الدولية - الإنترنت -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/63370

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة

شبكة تواصل العائلية 1445 هـ
Powered by Quran For All version 2
www.al-naddaf.com ©1445h