مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 108

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۗ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108) (البقرة) mp3
نَهَى اللَّه تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة عَنْ كَثْرَة سُؤَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْأَشْيَاء قَبْل كَوْنهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِين يُنَزَّل الْقُرْآن تُبْدَ لَكُمْ " أَيْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلهَا بَعْد نُزُولهَا تُبَيَّن لَكُمْ وَلَا تَسْأَلُوا عَنْ الشَّيْء قَبْل كَوْنه فَلَعَلَّهُ أَنْ يُحَرَّم مِنْ أَجْل تِلْكَ الْمَسْأَلَة وَلِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيح" إِنَّ أَعْظَم الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْء لَمْ يُحَرَّم فَحُرِّمَ مِنْ أَجْل مَسْأَلَته " وَلَمَّا سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُل يَجِد مَعَ اِمْرَأَته رَجُلًا فَإِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيم وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْل ذَلِكَ فَكَرِهَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِل وَعَابَهَا ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه حُكْم الْمُلَاعَنَة . وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَة الْمَال وَكَثْرَة السُّؤَال . وَفِي صَحِيح مُسْلِم " ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اِسْتَطَعْتُمْ . وَإِنْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْء فَاجْتَنِبُوهُ " وَهَذَا إِنَّمَا قَالَهُ بَعْد مَا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّه كَتَبَ عَلَيْهِمْ الْحَجّ فَقَالَ رَجُل أَكُلّ عَام يَا رَسُول اللَّه ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا . ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام" لَا وَلَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اِسْتَطَعْتُمْ" ثُمَّ قَالَ " ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ " الْحَدِيث وَلِهَذَا قَالَ أَنَس بْن مَالِك : نُهِينَا أَنْ نَسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْء فَكَانَ يُعْجِبنَا أَنْ يَأْتِي الرَّجُل مِنْ أَهْل الْبَادِيَة فَيَسْأَلهُ وَنَحْنُ نَسْمَع . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ فِي مُسْنَده أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْب أَخْبَرَنَا إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان عَنْ أَبِي سِنَان عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ : إِنْ كَانَ لَيَأْتِي عَلَيَّ السَّنَة أُرِيد أَنْ أَسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّيْء فَأَتَهَيَّب مِنْهُ وَإِنْ كُنَّا لِنَتَمَنَّى الْأَعْرَاب. قَالَ الْبَزَّار : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا اِبْن فُضَيْل عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : مَا رَأَيْت قَوْمًا خَيْرًا مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَأَلُوهُ إِلَّا عَنْ اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَسْأَلَة كُلّهَا فِي الْقُرْآن " يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر " - وَ - " يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام " - " وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى " يَعْنِي هَذَا وَأَشْبَاهه . وَقَوْله تَعَالَى " أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْل " أَيْ بَلْ تُرِيدُونَ أَوْ هِيَ عَلَى بَابهَا فِي الِاسْتِفْهَام وَهُوَ إِنْكَارِيّ وَهُوَ يَعْلَم الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رَسُول اللَّه إِلَى الْجَمِيع كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَسْأَلك أَهْل الْكِتَاب أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّه جَهْرَة فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة بِظُلْمِهِمْ" قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَافِع بْن حَرْمَلَة وَوَهْب بْن زَيْد يَا مُحَمَّد اِئْتِنَا بِكِتَابٍ تُنَزِّلهُ عَلَيْنَا مِنْ السَّمَاء نَقْرَؤُهُ وَفَجِّرْ لَنَا أَنْهَارًا نَتَّبِعك وَنُصَدِّقك . فَأَنْزَلَ اللَّه مِنْ قَوْلهمْ " أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْل وَمَنْ يَتَبَدَّل الْكُفْر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل " وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى " أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْل " قَالَ : قَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتنَا كَكَفَّارَاتِ بَنِي إِسْرَائِيل فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ لَا نَبْغِيهَا - ثَلَاثًا - مَا أَعْطَاكُمْ اللَّه خَيْر مِمَّا أَعْطَى بَنِي إِسْرَائِيل كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل إِذَا أَصَابَ أَحَدهمْ الْخَطِيئَة وَجَدَهَا مَكْتُوبَة عَلَى بَابه وَكَفَّارَتهَا فَإِنْ كَفَرَهَا كَانَتْ لَهُ خِزْيًا فِي الدُّنْيَا وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرهَا كَانَتْ لَهُ خِزْيًا فِي الْآخِرَة فَمَا أَعْطَاكُمْ اللَّه خَيْر مِمَّا أَعْطَى بَنِي إِسْرَائِيل " قَالَ " وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا " وَقَالَ " الصَّلَوَات الْخَمْس مِنْ الْجُمْعَة إِلَى الْجُمْعَة كَفَّارَة لِمَا بَيْنهنَّ " وَقَالَ" مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلهَا لَمْ تُكْتَب عَلَيْهِ وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَة وَاحِدَة وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَة وَاحِدَة وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْر أَمْثَالهَا وَلَا يَهْلِك عَلَى اللَّه إِلَّا هَالِكٌ " فَأَنْزَلَ اللَّه " أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْل " وَقَالَ مُجَاهِد " أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْل " أَنْ يُرِيَهُمْ اللَّهَ جَهْرَةً ؟ قَالَ : سَأَلَتْ قُرَيْش مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَل لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا قَالَ " نَعَمْ وَهُوَ لَكُمْ كَالْمَائِدَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيل " فَأَبَوْا وَرَجَعُوا. وَعَنْ السُّدِّيّ وَقَتَادَة نَحْو هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم وَالْمُرَاد أَنَّ اللَّه ذَمَّ مَنْ سَأَلَ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْء عَلَى وَجْه التَّعَنُّت وَالِاقْتِرَاح كَمَا سَأَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام تَعَنُّتًا وَتَكْذِيبًا وَعِنَادًا. قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمَنْ يَتَبَدَّل الْكُفْر بِالْإِيمَانِ" أَيْ مَنْ يَشْتَرِ الْكُفْر بِالْإِيمَانِ " فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل " أَيْ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم إِلَى الْجَهْل وَالضَّلَال . وَهَكَذَا حَال الَّذِينَ عَدَلُوا عَنْ تَصْدِيق الْأَنْبِيَاء وَاتِّبَاعهمْ وَالِانْقِيَاد لَهُمْ إِلَى مُخَالَفَتهمْ وَتَكْذِيبهمْ وَالِاقْتِرَاح عَلَيْهِمْ بِالْأَسْئِلَةِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا عَلَى وَجْه التَّعَنُّت وَالْكُفْر كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار " وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة يَتَبَدَّل الشِّدَّة بِالرَّخَاءِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • فاطمة بنت الحسين درة فواطم أهل البيت

    فاطمة بنت الحسين درة فواطم أهل البيت: إِنها فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم أجمعين - التابعية الجليلة المحدثة والمربية الفاضلة الصَّابرة المحتسبة أجرها في صبرها وعنائها في رعاية أبنائها عند الله عز وجل فمع هذه الشخصية سوف نستروِحَ من عِطرها وسيرتها الزكية ما تنشرح له الصُّدور، وتلذ الأفئدة، وتطمئن القلوب.

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/58132

    التحميل:

  • العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام

    العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام: محاضرة ألقاها فضيلة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - بين فيها أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، إذا أنه من المعلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة، فإن كانت العقيدة غير صحيحة بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1872

    التحميل:

  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    تحتوي هذه الرسالة على بيان بعض أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/104622

    التحميل:

  • عيدكم مبارك

    عيدكم مبارك: وقفاتٌ مع العيد وآدابه فيها التنبيه على: صلة الأرحام، والتوبة من المعاصي، وكيفية الاحتفال بالعيد، وبيان أنه ليس في الإسلام سوى عيدين: عيد الفطر والأضحى، وبيان من هم الفائزون حقًّا بعد الصيام والقيام، ثم التنبيه على بعض المخالفات التي يقع فيها الكثير من المسلمين، والمخالفات النسائية التي تظهر في ذلك اليوم أكثر من غيره، ثم في الأخير شروط الحجاب الشرعي.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/319839

    التحميل:

  • أمطر الخير مطرا

    أمطر الخير مطرًا: قال المصنف - حفظه الله -: «لا شك أن المسلم الذي رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً يسعى إلى التقرب إلى الله عز وجل بالأعمال المشروعة في كل وقت وحين، فيمطر الخير مطرًا، والله - عز وجل - هو المنبت. يحتسب الأجر والمثوبة في كل حركة وسكنة، فالعمر قصير، والأيام محدودة، والأنفاس معدودة، والآجال مكتوبة. أدعو الله - عز وجل -، أن تكون حبات الخير متتالية؛ لتجري منها أودية الأجر والمثوبة، لتصب في روضات الجنات برحمة الله وعفوه، ومنٍّه وكرمه».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229611

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة

شبكة تواصل العائلية 1445 هـ
Powered by Quran For All version 2
www.al-naddaf.com ©1445h